الخريدة البهية
للشيخ أحمد الدردير
رحمه الله تعالى
للشيخ أحمد الدردير
رحمه الله تعالى
يقول راجي رحمة القدير = أي أحمد المشهور بالدردير
الحمد لله العلي الواحد = العالم الفرد الغني الماجد
وأفضل الصلاة والتسليم = على النبي المصطفى الكريم
وآله وصحبه الأطهار = لا سيما رفيقه في الغار
وهذه عقيدة سنية = سميتها الخريدة البهية
لطيفة صغيرة في الحجم = لكنها كبيرة في العلم
تكفيك علما إن تُرِد أن تكتفي= لأنها بزبدة الفنِّ تفي
واللهَ أرجو في قبول العمل = والنفع منها ثم غفر الزلل
أقسام حكم العقل لا محالة = هي الوجوب ثم الاستحالة
ثم الجواز ثالث الأقسام = فافهم منحت لذة الأفهام
وواجب شرعا على المكلف = معرفة الله العليِّ فاعرفِ
أي يعرف الواجب والمحالا = مع جائز في حقه تعالى
ومثل ذا في حق رسْلِ الله = عليهم تحية الإلهِ
فالواجب العقلي ما لم يقبلِ = الاِنتفا في ذاته فابتهلِ
والمستحيل كل ما يقبل = في ذاته الثبوتَ ضد الأولِ
وكل أمر قابل للانتفا = وللثبوت جائز بلا خفا
ثم اعلمنْ بأنَّ هذا العالما = أي ما سوى الله العليِّ العالِما
من غير شك حادث مفتقر = لأنه قامَ بهِ التغيرُ
حدوثه وجوده بعد العدم = وضده هو المسمى بالقِدَمْ
فاعلم بأن الوصف بالوجود = من واجبات الواحد المعبود
إذا ظاهر بأن كل أثرِ = يهدي إلى مؤثر فاعتبرِ
وذي تسمى صفة نفسية = ثم تليها خمسة سلبية
وهي القِدَمْ بالذات فاعلم والبقا = قيامه بالنفس نلت التقى
مخالفٌ للغير وحدانية = في الذات أو صفاته العليَّةْ
والفعلِ، فالتأثيرُ ليس إلا = للواحد القهار جلَّ وعلا
ومن يقل بالطبع أو بالعلة = فذاك كفر عند أهل الملة
ومن يقل بالقوة المودعةِ = فذاك بدعي فلا تلتفتِ
لو لم يكن متصفا بها لزمْ = حدوثه وهو محال فاستقم
لأنه يفضي إلى التسلسلِ = والدورِ وهو المستحيل المنجلي
فهو الجليل والجميل والوليْ = والظاهر القدوس والربُّ العليْ
منزَّهٌ عن الحلولِ والجهةْ = والاتصال الانفصالِ والسَّفَهْ
ثم المعاني سبعة للرائي = أي علمه المحيط بالأشياءِ
حياته وقدرة إرادة = وكل شيء كائن أرادَهْ
وإن يكن بضدِّه قد أمرا = فالقصد غير الأمر فاطرحِ المِراْ
فقد علمت أربعا أقساما = في الكائنات فاحفظِ المقاما
كلامه والسمع والإبصارُ = فهو الإله الفاعل المختارُ
وواجب تعليق ذي الصفات = حتما ودوما ما عدا الحياةِ
فالعلم جزما والكلام السامي = تعلقا بسائر الأقسامِ
وقدرةٌ إرادةٌ تعلَّقا = بالممكنات كلها أخا التُّقى
واجزم بأن سمعه والبصرا = تعلقا بكل موجود يُرَى
وكلها قديمة بالذات = لأنها ليست بغير الذاتِ
ثم الكلام ليس بالحروفِ = وليس بالترتيب كالمألوفِ
ويستحيل ضدُّ ما تقدما = من الصفات الشامخات فاعلما
لأنه لو لم يكن موصوفا = بها لكان بالسوى معروفا
وكلُّ من قام به سواها = فهو الذي في الفقر قد تناهى
والواحد المعبود لا يفتقر = لغيره جلَّ الغَنِيْ المُقْتَدِرُ
وجائز في حقه الإيجاد = والترك والإشقاء والإسعادُ
ومن يقُلْ فِعْلُ الصلاحِ وجَبا = على الإله قد أساءَ الأدَبا
واجزم أَخِيْ بِرُؤية الإلهِ = في جنَّةِ الخُلْدِ بلا تناهي
إذِ الوُقوعُ جائزٌ بالعقْلِ = وقد أَتى فيهِ دليلُ النَّقْلِ
وَصِفْ جميعَ الرُّسْلِ بالأمانة = والصدق والتبليغ والفطانة
ويستحيل ضدها عليهِمُ = وجائزٌ كالأكلِ في حقهِمُ
إرسالهم تفضُّلٌ ورَحْمَةْ = للعالَمينَ جَلَّ مُولِيْ النِّعْمَةْ
ويلزم الإيمان بالحسابِ= والحشر والعقاب والثوابِ
والنشر والصراط والميزانِ = والحوضِ والنيرانِ والجنانِ
والجنِّ والأملاك ثم الأنبيا = والحور والوِلدانِ ثم الأوليا
وكل ما جاء من البشيرِ = من كلِّ حكمٍ صار كالضروري
وينطوي في كلمة الإسلامِ = ما قد مضى من سائر الأحكام
فأكْثِرَنْ من ذكرها بالأدبِ = ترقى بهذا الذكر أعلى الرتبِ
وغَلَِبِ الخوفَ على الرجاء = وسِرْ لمولاكَ بلا تناءِ
وجَدِّدِ التَّوبةَ للأوزارِ = لا تيْاَسَنْ من رحمة الغفارِ
وكن على آلائِهِ شكورا = وكن على آلائه صبورا
وكل أمرٍ بالقضاء والقدرْ = وكل مقدورٍ فما عنه مفَرّْ
فكُنْ له مُسَلِّماً كَيْ تَسْلَما = واتبع سبيل الناسكين العُلَما
وخَلِّصِ القلبَ من الأغيارِ = بالجد والقيامِ في الأسحارِ
والفكر والذكرِ على الدوامِ = مجتنباً لسائرِ الآثامِ
مراقبا لله في الأحوالِ = لترتقي مَعالمَ الكمالِ
وقل بِذُلٍّ ربِّ لا تقطعني = عنك بقاطعٍ ولا تحرمني
مِن سِرِّكَ الأبهى المُزيلِ للعَمَى = واخْتِمْ بخيرٍ يا رحيمَ الرُّحَما
والحمد لله على التَّمامِ = وأفْضَلُ الصلاة والسلامِ
على النبي الهاشميِّ الخاتَمِ = وآلِهِ وصَحْبِهِ الأَكارِمِ