الرئيسية » » الدرس الخامس والعشرون – صلة الرزق باليقين

الدرس الخامس والعشرون – صلة الرزق باليقين


الحمد لله الذي لا يخلف وعده، الرزاق الذي تكفل لخلقه بالرزق وضمن لهم إياه، لكنه كلفهم بحسن عبادته والإقبال على عمارة الأرض طلباً لرضوانه، اللهم صل وسلم على أعظم معلم دلَّ عليك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين..
يا من استمع إلى الدرس الماضي وشاهده، هل ابتدأت بأخذ الأسباب المعنوية للرزق مع قيامك بالأسباب الحسية؟ هل قرأت البارحة سورة الواقعة؟ هل استغفرت الله عزوجل؟ هل اتخذت ورداً من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ إن فعلت بدأت تخطو نحو تحقيق اليقين في قلبك بأن ترتبط بالأسباب الحسية والمعنوية.. ما رأيك أن نزيد في هذا المجلس خصلتين..
* استمع للحلقة الخامسة والعشرون وأنت تتصفح :
الخصلة الأولى معنى تفكر فيه أثناء تلاوتك لسورة الواقعة أثناء الإستغفار والصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم، تعرف ما هو هذا المعنى؟ أن تنتظر أن يكرمك الله بالرزق بعد هذه القراءة كما تنتظر أن يكرمك بالرزق بعد انتظامك على عملك أو أخذك للصفقة، أي أن تعول وتنتظر من فضل الله في أخذك بهذه الأسباب ما تنتظره من فضل الله بعد أن تأخذ بالأسباب الحسية هذه واحدة، واضحة؟ ما أقرأ سورة الواقعة وانتهت المسألة، أقرأ وأنا مطمئن، قرأت سورة الواقعة وأخذت بالأسباب الحسية لن يخيبني الله عزوجل سيكرمني الله بالرزق، سيكون عندك نسبة من التعويل بالأخذ بهذه الأسباب على فضل الله ..
الخصلة الثانية نحن كنا نتكلم على أن نأخذ بالأسباب المعنوية بجانب الأسباب الحسية صحيح؟ تعالوا نـَقلِب المسألة نبدأ من الأسباب الحسية هل من الممكن أثناء الأخذ بالأسباب الحسية أن أنتظر نتائج غير المال غير الرزق الحسي؟ هل من الممكن وأنت تداوم في عملك في وظيفتك أو تعقد صفقتك أو تراجع درسك أو تضرب بفأسك في الأرض أو تعمل على منشارك أو في أي سبب من أسبابك الحسية لتحصيل الرزق أن تنتظر شيء آخر غير المال بجانب المال؟ أنت تنتظر من الصفقة مالاً، تنتظر من العمل مالاً، تنتظر من الوظيفة مالاً، هل يمكن أن تنتظر شيء آخر غير المال ويكون فرق بينك وبين غير المؤمن، تنتظر المغفرة مثلاً نعم يمكن أن تنتظر المغفرة جاء في الطبراني “من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له” من أمسى كالاًًً قام واجتهد من الصباح واشتغل طلباً للرزق الحلال وواظب على صلواته ولم يرتكب حراماً في رزقه لم يغش لم يسرق لم يرتشي لم يرشي أحداً لم يأخذ ربا مشى على الصراط المستقيم وعاد إلى البيت متعب من العمل مجهد إن كان نوى عند الصباح قبل الخروج إلى العمل أن ينال رضوان الله بأن يقوم بواجبه بالأخذ بالأسباب وأن يكفي نفسه ومن يعول أن يكونوا عالة على غيره في الرزق.
(هذه نيات) نويت الصدقة من فائض مالك وذهبت واشتغلت ورجعت متعب إلى البيت، ترجع وأنت منتظر المال نتائج العمل صفقة تسلم أو بضاعة تسلم، لكن حلك وأنت داخل إلى البيت تقول: الحمد لله أني أبيت وأنا أنتظر المغفرة هذه النيلة انتظرت في الأسباب الحسية نتيجة ماهي معنوية رزقاً معنوياً، وانتظرت كما تعلمنا في المجلس الماضي من الأسباب المعنوية نتيجة حسية وهي حصول الرزق، قمت واشتغلت في عملك وفي المساء آويت إلى الفراش منتظر المغفرة قرأت سورة الواقعة استغفرت الله صليت على النبي صلى الله عليه وسلم الأصل، أن هذه التلاوة والإستغفار والصلاة على الحبيب ماذا تنتظر منها؟ حسنات، المغفرة، الرضوان، القرب من الحبيب صلى الله عليه وسلم، النتائج هذه حسية أو معنوية؟ معنوية في الآخر، طيب أنت أخذت بأسباب معنوية وانتظرت مع النتائج المعنوية نتائج حسية، وهناك هناك في الآسباب الحسية اشتغلت وعملت انتظرت مع النتائج الحسية (المال) نتائج معنوية، هذا يورثك بالتدريج إن استمريت وواظبت على ذلك طمأنية تجاه الرزق، كان الناس بالسابق عندما كنا نقول اقطعوا علائق قلوبكم بالأسباب، أدوا الأسباب وانتظروا النتيجة من المسبب نضرب المثل يكون الكلام واضح لكن حتى نتحقق به في باطننا صعب، نتأثر بالكلام نقتنع به لكن عندما ندخل في دوامة الحياة تختلف المسألة، ابدأ هذا العمل، هذا الآن جهد يرقيك تحصل نتيجة تراكمية يعني شيء فشيء تنبت هذه النتيجة، مثل ما تنبت الزرعة وضعت بذرة وسقيتها وسقيتها ما تلاحظ أنت الفرق لكن تنبت شيء فشيء حتى تصير شجرة.

شجرة اليقين

هكذا شجرة اليقين تنبت بالقلب بهذه السقيا بالأخذ بالأسباب الحسية وانتظار النتائج المعنوية مع المال الحسي، والأخذ بالأسباب المعنوية مع انتظار نتائج حسية مع النتائج المعنوية تبدأ ترتقي في فهم كيف يأتي الرزق، يبدأ في قلبك إحساس نور بأن الرّزاق هو الله سبحانه وتعالى، وعندها يبدأ باطنك يتحصل على قوة، هذه القوة هي قوة الثقة بالله عزوجل تورث في قلبك سكوناً رسوخاً لا تستطيع بسببه الدنيا وأسبابها أن تشغل قلبك يمكن أن تشغل عقلك في التفكير كيف ترتب الصفقة أو العمل أو الدراسة، يمكن أن تشغل وقتك في دوام العمل أو الدراسة، يمكن أن تشغل جهدك بدنك لكن لا يمكن أن تشغل قلبك، لأن الدنيا لا يمكن أن تكون في قلب السائر إلى الله أبداً.
ثم إذا تحول هذا الأمر إلى ثقة بالله يبدأ دورك أيها المريد ينتقل من مرحلة الإنسان الذي يتأثر بما يفد عليه، الذي يمكن أن يتزعزع إيمانه عند الصفقة، يمكن يفكر هل يبيع دينه أو لا يبيع عند التهديد، يمكن أن يهزم أو لا يهزم، تتحول إلى إنسان على يدك يثبت الله قلوب الخلق، يبدأ الناس يتعاملون معك يقول لك يمكن هذه الصفقة لو عملت كذا يكون، تقول لا الرزق من الله فالذي كان سيأتيني من الرضا بالحرام بإستعجال الرزق بالضبط مثله كان سيأتيني بالحلال لو صبرت فقط هذه القضية، ما كـُتِبَ لك أن يأتيك رزقاً سيأتيك مهما كانت الأسباب مهما كانت الأحوال ما كـُتِبَ سيأتيك، لكن إما أن يأتيك بطريق الحلال إذا وثقت بالله وثبت وصبرت وإما أن تستعجل ويأتيك بطريق الحرام، وإذا جاءك بطريق الحرام!! غضِب الله عليك مُسِخـَت البركة في رزقك ظهر الأذى في نفسك وأولادك وأهلك وذريتك وأحوالك كيف ستقدم على الله ضاع السلوك ضاع السير إلى الله عزوجل فوّتَ سيرك إلى الله هذه واحدة..
* قصة : ينتقل الأمر إلى من حواليك يبدأ الناس يتعاملون معك فيتأثرون بما تقول وحجة صاحب اليقين لا يمكن أن تقف أمامها أوهام المتشككين أبداً، تتذكرون قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قام يتفقد الرعية فسمع امرأة تكلم ابنتها وهما يبيعان اللبن في النهار تقول: هيا يا بنية قبل أن يطلع النهار ونفتضح اخلطي اللبن بالماء -تغـُش اللبن-، فتقول لها ابنتها: يا أماه إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نهى عن خلط الماء باللبن، قالت: أي بنية إن عمر بن الخطاب قد نام في بيته وهو لا يرانا، فقالت لها: يا أماه، نعم إن عمر لايرانا لكن رب عمر يرانا.
الناس تعرف هذه القصة أكثركم وتعرفون أن سيدنا عمر أشار على ابنه أن يتزوج هذه الفتاة في اليوم الثاني وأنها جدة عمر بن عبد العزيز الذي أعاد الخلافة إلى نصابها بعد الظلم الذي سبقه، الشاهد هنا ليس في القصة المألوفة والنتيجة المألوفة وإن كانت هذه فوائد لها علاقة بطلب الحلال أن الحلال يعطي البركة بالأبناء تيسير الأسباب تحولت من بائعة لبن إلى زوجة لإبن أمير المؤمنين، لكن هنا مسالة عندما كانت أمها عندما كانت أمها تناقشها لاحظوا عندما كانت أمها تناقشها، أمها تقول لها اخلطي البنت تقول..لا هذا حرام نهى أمير المؤمنين أن نخلط اللبن بالماء، أمها بدأت تجيب حجة.. تقاوم.. عندها مقاومة يا بنية إن عمر لا يرانا، ماذا كان رد البنت؟ لكن رب عمر يرانا إن الله يسمع ويرى هل استطاعت الأم أن تجادل لا لماذا؟ هل استطاعت أن تقاوم لا!! لأن حجة الحق إذا صدرت عن لسان امتلأ قلب صاحبه باليقين لا يقف أمامها شيء في الوجود..

أصوات المسلمين واحتجاجتهم اليوم

تعرفون لماذا اليوم احتجاجات المسلمين لا تبلغ مداها في العالم؟ لأنها أصوات أحياناً تكون عالية ينقلها التلفاز والإعلام، صرخات أحياناً تتحول إلى أعمال وقد لا تكون صائبة ولكن لماذا لا تبلغ للعالم؟، لأن الأعداء يمنعون وصولها والإعلام، تعال نحن نعرف هذا الكلم لكن تعال أين شهودك لقدرة الله عز وجل؟ أين استشعارك لمعنى أن هناك شيء يضاف للمعادلة في الإشكال بيننا وبين من يعادينا وهي معادلة أن معنا نصرة الله لكن إذا فقدناها؟! نعم!! تعود المسألة للأسباب مرة أخرى، هم أقوى عندهم إعلام تخطيط نعم.. لكن إذا استطعنا أن نستجلب معنى نصرة الله كيف ترجح الكفة؟ أخذنا الأسباب بما نستطيع وأتقنا ما نستطيعه هم أخذوا بأسباب أضعاف ما نستطيع صارت الكفة لهم راجحة ثم أضيف في كفتنا نصرة الله ماذا يصبح، لكن لماذا لم تضف إلى كفتنا نحن نصرة الله عزوجل؟ أحد أسبابها مسألة اليقين، لهجتنا لم يعد فيها الصدق الذي يسطو على القلوب بسطوة الحق، عندما نقرأ في كتاب شمائل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة يصف سيدنا محمد ماذا يقول في وصفه “كان رسول الله أصدقهم لهجة” ما قال أصدقهم حديثا هنا أي أن نبرة صوته ولهجته تشعر الذي يستمع أن الذي يتكلم صادق ما يمكن أن يقاوم ما يمكن إلا أن يخطر على القلب أنه صادق فحسب، من نظر إلى وجهه علم انه ليس بوجه كذاب، قط لا يمكن.. ما السبب؟ هذه سطوت الحق إذا برزت، عندما يستقر في قلب السائر إلى الله، إذا ظفرت أيها المريد بمعنى الصدق في قلبك، باليقين بأن الرزق من الله.
جاء أحد قال لك اقبل السرقة، لايمكن أسرق، يا رجل نتقاسم نحن وأنت بالفائدة، غض الطرف أنت اسكت وأنا سأعمل المسألة، مشّي ولك نصيب، لا، لماذا؟ لأن هذا حرام، يا أخي لاتعقد المسائل، قال: أنا لا أطلب الرزق بما يغضب الرزاق سبحانه وتعالى، كيف أنتظر رزقه بما يغضبه؟ كيف؟ إذا رأيت أهل الغفلة قد استسهلوا واستمرؤوا تحصيل الأموال بما يعلمون أنه حرام، لا ينبغي أن أغترّ بما يجري في أيديهم لأني أتعامل مع الله، لأني أطلب رزقه سبحانه وتعالى، فإذا علمت أن طلبنا للرزق ينبغي أن يكون جزءاً من عبادتنا لله سبحانه وتعالى.

نتيجة ارتباط الأسباب الحسية بالمعنوية

محصلة هذا الكلام ونتيجته، أن إتقاننا لصلتنا بموضوع الرزق، هو جزء من العبادة (صلاة، زكاة، حجّ، صيام، جهاد، دعوة، ذكر، رزق) كيف أتعامل مع الرزق هذا جزء من العبادة بل هو جزء من العقيدة، إذا أردت أن تتكلم عن التوحيد، ما الذي يجعل الإنسان يقبل السرقة، الغش، الرشوة؟ أنه قد اهتز ثباته في عقيدته بأن الله سيرزقه، عندي سبعة عيال أو تسعة عيال ماذا أعمل مضطرّ أغشّ، إذا أنت عندك شك في أن الله قادر أن يرزق سبعة عيال، ولولا شكُّك في قدرة الله على رزقك ما قبلت أن تخالف أمره، هنا مسألة تتعلق بالعقيدة باليقين، انظر.. هل اتضحت المسألة؟ إذاً سيرك إلى الله معلق على يقينك بالله عزّ وجلّ في مسألة الرزق الذي يأتيك، أنا مضطرّ وماذا أعمل، ظروفي المادية، لذلك قبلت أعمل دور حرام، لماذا قبلت دور حرام؟ لماذا قبلت أن يكون في مطعمك أو في فندقك خمر يدار؟ والخمر ملعونة مع عشرة ممن يتعامل معها، منها (الحامل، والمحمولة إليه، وآكل الثمن، والبائع، والمشتري وكله يدخل في اللعنة) دعك من فلان أفتاني وفلان قال لي، كن صادقاً مع نفسك، حرام.. حرام، لماذا قبلت الحرام؟ يا سائر إلى الله اصدق مع نفسك قليلا والله بقدر ما تصدق مع نفسك تصدق مع الله، وبقدر ما تضحك على نفسك وتغشّ نفسك، ستسيء في معاملتك مع الله ستفقد الصدق مع الله، حتى تكتب عند الله صديقاً لا ترضى أن تكتب عند الله كذاباً، لماذا قبلت وغضضت الطرف؟ ماذا نعمل كل الناس اليوم هكذا بدون هذا لا يمكن أربح؛ يعني لا يمكن يأتيني الرزق، الرزق من أين يأتي؟ إن كنت تعتقد أنه من الله فالمعادلة فيها خلل؛ غير منطقية!! بالعقل؛ هنا اختلال في المنطق، إن كنت تعتقد أن الرزق من غير الله فهذا شيء آخر، لكن إسمع إذا رضيت أن تقر بأن الرزق من غير الله فهذا خطر على إيمانك كله كيف هذا الكلام، أيها السائر إلى الله ينبغي أن تعلم أن أساسك في سيرك إلى الله هذا الأمر ثقتك برزق الله عز وجل، تأخذ بالأسباب -يا أخي تعبنا- أقول خذ بالأسباب أتقن الأسباب لكن لاتغضب المسبب لأنك تنتظر منه سبحانه وتعالى ..

هل لصلة المريد بالناس ارتباط بالرزق ؟

هذا الأمر يترتب عليه أمر آخر وهو صلتك بالناس، صلتك بالناس، إما أن تكون صلة غير إختيارية: أنت اخترت والدك ووالدك ماأخترتهما وأيضاً صلة غير إختيارية: كالأرحام أنت ما أخترت فلانة خالتك وفلان عمك الوالدان والأرحام صلة غير اختيارية، وهناك صلات شبه اختيارية: كالجيران وزملاء الدراسة وزملاء العمل وشركاء العمل فيها جانب اختياري وفيها جانب إضطراري وهذا واقعه، وهناك صلات اختيارية بحتة: الأصدقاء الأصحاب الذين تميل إليهم الزوجة الزوج فيها جانب واسع من الإختيار، صلتك بمن يحيط بك في ثقتك بالله عزوجل فيما يغدق عليك من أرزاق، جزء منها يتعلق بالمال الذي سنتكلم عنه في المجلس الثاني وجزء منها يتعلق بنوع آخر من الأرزاق يسمونها الأرزاق المعنوية: السعادة الرضا الأنس السرور الحزن الغضب الضيق التعاسة.
كم مساحة تأثير الناس عليك فيها؟ كم مساحة تأثير الأصحاب في إدخال السرور على قلبك وكم مساحة تأثيرهم في إدخال الحزن على قلبك، كم مساحة تأثير من يحيط بك في استقامتك على الطاعة؟ وكم مساحة تأثيرهم عليك في انصرافك عن الطاعة؟ كم مساحة تأثير المحيط الذي يحيط بك الناس الذين تتعامل معهم في إصرارك وثباتك على اللقمة الحلال؟ وكم مساحة تأثيرهم عليك في غضك الطرف علن أكل الحرام أو فعل الحرام؟ ، مالك يافلان رضيت أن تتعامل بالحرام قال يا أخي الموت مع الجماعة رحمة كل الناس اليوم هكذا،كل الناس اليوم هكذا؟ ! نعم كل الناس يا أخي أنا وحدي!! انظر الكل يغش الكل يسرق كل الناس اليوم ترتشي جيت لعندي أنا خلاص النار وقفت علي أنا الله سيحاسبني أنا شعور التأثير بماذا هنا؟ بالمحيط الذي يحيط بك، هذا له أثر كبير على سيرك إلى الله.. ما دخل هذا بموضوع الرزق؟ واضح دخل هذا بموضوع الرزق من جهة تعاملك مع المحيط ومن جهة تأثر قلبك عند تزعزع يقين المحيط.
* قصة وعبرة :
يذكرون عن حاتم الأصم احد كبار الأئمة الصالحين من رجال الرسالة، الرجل حن قلبه في سنة من السنوات إلى الحج وما كان يمتلك نفقة الزاد إلى الحج ولا نفقة الأبناء والزوجة عند سفره طعمهم وشرابهم ونفقتهم ولا يجب الحج بل لا يجوز أن يسافر دون أن يضع نفقة أبناءه إلا أن يرضوا، فلما اقترب الموسم رأته ابنته حزيناً باكياً وكان في البنت صلاح وهي صغيرة، قالت: ما يبكيك يا أبتاه، قال: الحج أقبل قالت ومالك لا تحج قال: النفقة قالت: يرزقك الله قال: ونفقتكم قالت يرزقنا الله قال: لكن الأمر إلى أمك فذهبت تذكر أمها أن الرزاق هو الله وليس الأب في النهاية الأم والأبناء قالوا له: اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله ترك لهم نفقة ثلاثة أيام، ذهب هو إلى الحج لم يكن لديه القيمة الكافية ليلتحق بالقافلة فكان يمشي من وراء القافلة، في أول الطريق عقرب لسعت رئيس القافلة سألوا هل يوجد من يمكن أن يقرأ عليه أن يعالجه وجدوا حاتم نادوا له فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته فقال: رئيس القافلة نفقة الذهاب والإياب علي، فقال: اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي..
مرت الأيام الثلاثة انتهت النفقة عند الأبناء نفذ الطعام في البيت بدأ الجوع يقرص عليهم فبدأوا اللوم على البنت: أنت السبب أنت التي أقنعتينا بأن نأذن له انظري الآن من أين نأكل؟ البنت تضحك وهي جائعة تضحك، ما يضحكك ونحن نتلوى من الجوع، قالت لهم: يا أماه يا أختاه يا أخي أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟ قالوا لها: آكل رزق الرزاق هو الله، قالت لهم: ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق، هي تكلمهم فإذا الباب يقرع من على الباب قالوا: إن أمير المؤمنين يستسقيكم، كان في رحلة صيد الحاكم وعند رجوعه شعر بشدة من العطش نفذ الماء منهم فقال: اقرعوا هذا الباب اطلبوا لنا ماء منهم فقامت الأم تملئ لهم من القربة وهي تقول: سبحان الله ثالث ثلاثة من الأيام لا نجد طعاماً وأمير المؤمنين يستسقينا، فشرب الخليفة فوجد حلاوة في الماء لم يعهدها فقال: من أين أتيتم بالماء قالوا من بيت حاتم فقال: نادوه حتى أجازيه فقالوا إنه قد ذهب على الحج، فخلع الخليفة منطقته -المنطقة هي حزام من القماش الفاخر مرصع بشيء من الجواهر- وقال: هذه لهم ومن كانت لي عليه يد -أي يعزني يحبني يحترمني- فليخلع عليه منطقته، الوزراء والتجار والحاشية الكل صار يخلع منطقته مثل هذا الزمان لو اذا رأوا المسؤول الكبير يميل الى شخص الكل مالوا إليه، سبحان الله النفوس البشرية نفسها في كل زمان واحدة!! فتكومت المناطق فجاء أحد التجار واشتراها منهم بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم إلى الموت، وأعادها إلى أمير المؤمنين وإلى الحاشية تزلفاً إليهم مجاملة، فاشتروا الطعام بدئوا يأكلون وهم يضحكون فإذا بالبنت هذه تبكي، قالت لها الأم إن أمرك عجيب يا بنيتي قبل قليل نحن نتضور من الجوع وأنت تضحكين أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين، قالت: يا أماه إن هذا مخلوق لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً (أي الخليفة الحاكم) نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت فكيف لو نظر إلينا الخالق!!
انظر إلى القوة التي عاشتها البنت من أين جاءت هذه القوة؟ لم يثنها تهديد الفقر لم يثنها الواقع الذي ضغط عليها بالجوع، أكثر من ذلك لم يغيرها المحيط – الكلام هنا عن المحيط – لم يغيرها لا لوم الأم، ولا لوم الإخوان، ما غيرها شيء ثابتة، ولما ثبتت أثمر هذا الثبات أن الله أيدها بهذا الثبات فتحولت من فتحولت من ملومة معرضة للتأثر إلى صاحبة عظة تعظ الذين حواليها .

ننصرف من هذا المجلس

أنت الذي تحاول أن تبرر لنفسك أكل الحرام أو المخالفة لأن المجتمع كله هكذا، (الموت مع الناس رحمة) تبرر لنفسك والله الأولاد ضغطوا علي يريدون مثل الناس الزوجة تريد شكل كذا، أين أنت من هذا المعنى؟ تعرف ما المشكلة؟ المشكلة أن ضابط التعامل مع الناس مختل، فإذا انضبط لدى السائر إلى الله ضابط التعامل مع الناس ذهب هذا الخلل، إذا فقه كيف يقيم ميزان التعامل مع الناس، متى يكون الإستجابة للتأثر بالناس إذا توجهوا إلي بشيء، متى أجالس الناس على ماهم عليه ومتى أفارق الناس على ماهم عليه وكيف إذا جالستهم لا أفقد ما عندي وكيف إذا فارقتهم لا أتكبر عليهم أو أجعلهم يستوحشون مني أو أن أكون قبيحاً معهم في المفارقة، كيف أكون جميلاً في المفارقة وكيف أكون منضبطاً في المجانسة، هنا يأتي معنى اليقين والثبات عند السائر إلى الله..
وسيأتي الحديث في المجلس القادم عن ضوابط التعامل مع الناس لكن في نهاية المجلس، هل نوينا مع المواظبة على ما ذكرناه في المجلس الماضي بأن نطلب الرزق الحس بأسبابه الحسية وبأسبابه المعنوية، ننتظر أيضاً من الأسباب الحسية رزقاً مادياً حسياً مال وظيفة غيرها وننتظر أيضا رزقاً معنوياً المغفرة “من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له”، وأيضا عندما تقرأ سورة الواقعة أو أن نستغفر وأن نصلي على الحبيب صلى الله عليه وسلم ننتظر الأجر ننتظر المغفرة ننتظر الصلة بالجناب النبوي الشريف ننتظر أيضاً تسهيل الرزق، فنطلب الرزق الحسي بالأسباب الحسية والمعنوية، ونطلب الرزق المعنوي بالأسباب الحسية والمعنوية.
دعونا نخرج من هذا المجلس ونحن متحققون بهذا الأمر لنلتقي في المجلس القادم بإذن الله، الإلحاح على الله بالدعاء يفيد، الحمد لله رب العلمين اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها، إلهنا وسيدنا أجريت على هذه اللسان العاصية حديثاً من حديث الصادقين من عبادك المتقدمين وخبراً من أخبار دلالات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، اللهم ثبتنا على الحق فيما نقول، ثبتنا على الحق فيما نعمل، ثبتنا على الحق فيما نعتقد، اللهم اجعلنا ممن نظرت إليهم فارتضيتهم لقربك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* مشاهدة وتحميل الحلقة الخامسة والعشرون- فيديو - من هنا
* تحميل الحلقة الخامسة والعشرون – صوت - من هنا
* المزيد من الدروس عبر الرابط من هنا

Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger