متن

العقائد العَضُدِيَّة

تصنيف الإمام الحجة المتكلم الأصولي

عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الإيجي الشيرازي

(706-756هـ)



بسم الله الرحمن الرحيم
قال النبي صلى الله عليه وسلم "ستفترق أمتي ثلاثاً وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل ومن هم؟ قال الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي.

وهذه عقائد الفرقة الناجية، وهم الأشاعرة.
أجمع السلف من المحدثين وأئمة المسلمين وأهل السنة والجماعة:
على أن العالم حادث، كان ذلك بقدرة الله بعد أن لم يكن.
وعلى أن العالم قابلٌ للفناء، وعلى أن النظر في معرفة الله واجب شرعاً، وبه تحصل المعرفة، ولا حاجة إلى المعلم.
وعلى أن للعالم صانعاً قديماً لم يزل ولا يزال واجباً وجودة لذاته ولا خالق سواه.
متصفٌ بجميع صفات الكمال، منزه عن جميع سمات النقص.
فهو عالم بجميع المعلومات قادرٌ على جميع الممكنات، مريداً لجميع الكائنات، متكلم حي سميع بصير.
وهو منزَّهٌ عن جميع صفات النقص فلا شبيه له، ولا ندَّ له ولا مثل له، لا شريك له ولا ظهير له، ولا يحلُّ في غيره ولا يقوم بذاته حادثٌ ولا يتحد بغيره.
ليس بجوهر ولا عرض ولا جسمٍ ولا في حيز وجِهَةٍ، ولا يشار إليه بهنا ولا هناك، ولا يصح عليه الحركة ولا الانتقال، ولا الجهل ولا الكذب، وهو تعالى مرئيٌّ للمؤمنين يوم القيامة من غير موازاة ومقابلة وجهة.
كان، وما لم يشأ لم يكن، فالكفر والمعاصي بخلقه وإرادته، ولا يرضاهُ.
غنيٌّ ولا يحتاج إلى شيء، ولا حاكم عليه ولا يجب عليه شيء كاللطف والأصلح والعوض على الآلام ولا الثواب عليه في الطاعة والعقاب على المعصية، بل إن أثاب فبفضله وإن عاقب فبعدله.
ولا قبيح منه ولا ينسب فيما يفعل أو يحكم إلى جور أو ظلم، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا غرض لفعله، راعى الحكمةَ فيما خلق وأمرَ تفضلاً ورحمة، ولا حاكم سواه، فليس للعقل حكمٌ في حسن الأشياء وقبحها وكون الفعل سبباً للثواب والعقاب، فالحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع. وليس للفعل صفة حقيقية أو اعتبارية باعتبارها حسن أو قبح، ولو عكس لكان الأمر بالعكس.
وهو غير متبعض ولا متجزئ ولا حدَّ له ولا نهاية له.
صفاته واحدةٌ بالذات غير متناهية بحسب التعلُّق، فما وجد من مقدوراته قليل من كثير، وله الزيادة والنقصان في مخلوقاته.
ولله تعالى ملائكة ذوو أجنحة مثنى وثلاث ورباع، فمنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، لكل واحد منهم مقامٌ معلوم، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
والقرآن كلام الله غير مخلوق وهو المكتوب في المصاحف المقروء بالألسن المحفوظ في الصدور؛ والمكتوب غير الكتابة والمقروء غير القراءة والمحفوظ غير الحفظ.
وأسماء الله تعالى توقيفية.
والمعاد حقٌ، تحشر الأجساد وتعاد فيها الأرواح، وكذا المجازاة والمحاسبة، والصراط حق، والميزان حق.
وخلق الجنة والنار، ويخلد أهل الجنة في الجنة، والكافر في النار، ولا يخلد المسلم صاحب الكبيرة في النار بل يخرج آخراً إلى الجنة.
والعفو عن الصغائر والكبائر بلا توبة جائز.
والشفاعة حقٌّ لمن أذِن له الرحمن، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته، وهو مُشَفَّعٌ فيهم لا يُرَدُّ مطلوبه.
وعذاب القبر حق، وسؤال منكر ونكير حق.
وبعثة الرسل بالمعجزات من لَدُنْ آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق.
ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولا نبي بعده.
والأنبياء عليهم السلام معصومون، وهم أفضل من الملائكة العلوية، وعامة البشر أفضل من عامة الملائكة.
وأهل بيعة الرضوان وأهل بدر من أهل الجنة.
وكرامات الأولياء حق، ويكرم الله بها من يشاء ويختص برحمته من يريد.
والإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثبتت إمامته بالإجماع، ثم عمر الفاروق رضي الله عنه، ثم عثمان ذو النورين رضي الله عنه، ثم علي المرتضى كرم الله وجهه، والأفضلية بهذا الترتيب، ومعنى الأفضلية أنه أكثر ثواباً عند الله تبارك وتعالى، لا أنه أعلم وأشرفُ نسباً، وما أشبه ذلك.
والكفر عدمُ الإيمان.
ولا نكفر أحداً منْ أهل القبلة إلا بما فيه نفيُ الصانع القادر المختار العليم، أو شرك، أو إنكار النبوة، أو إنكار ما علم مجيء محمد صلى الله عليه وسلم به ضرورةً، أو إنكار مجمع عليه قطعاً، واستحلال المحرمات، وأما غير ذلك فالقائل به مبتدعٌ وليس بكافر، ومنه التجسيم.
والتوبة واجبة، وهي مقبولة لطفاً ورحمتاً وإحساناً من الله والأمر بالمعروف تبع لما يؤمر به، فإن كان ما يؤمر به واجباً فواجب، وإن كان مندوباً فمندوب، وشرطه أنْ لا يؤدي إلى الفتنة، وأنْ يظن قبوله.
ولا يجوز التجسس.
ثبتك الله على هذه العقائد الصحيحة ورزقك العمل بما يجب ويرضى.
انتهى والحمد الله ربِّ العالمين.