الرئيسية » » عقيدة ابن الحاجب

عقيدة ابن الحاجب

 
عقيدة ابن الحاجب
(تـ646هـ)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ عَلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ فِي التَّوْحِيدِ، وَفِي صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي تَصْدِيقِ رُسُلِهِ، فَيُؤْمِنَ بِأَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ، وَلاَ نَظِيرَ لَهُ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلاَ قَسِيمَ لَهُ فِي فِعْلِهِ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلُهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، وَأَنَّ كُلَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَعَنْهُ صِدْقٌ. وَأَنَّ الإِيمَانَ هُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ التَّابِعُ لِلْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ عَلَى الأَصَحِّ، خِلاَفًا لِمَنْ قَالَ هُوَ المَعْرِفَةُ فقط.
وَلاَ يَكْفِي التَّقْلِيدُ فِي ذَلِكَ عَلَى الأَصَحِّ، فَلاَ بُدَّ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ التَّابِعِ لِلْمَعْرِفَةِ عَنْ مُسْتَنَدٍ جُمْلِيٍّ بِثُبُوتِ الصَّانِعِ وَوُجُودِهِ، وَوُجُوبِ وُجُودِهِ، وَثُبُوتِ قِدَمِهِ، وَعَدَمِ تَرْكِيبِهِ، وَعَدَمِ تَجْزِئَتِهِ، وَعَدَمِ حُلُولِهِ فِي المُتَحَيِّزِ، وَعَدَمِ اتِّحَادِهِ بِغَيْرِهِ، وَعَدَمِ حُلُولِهِ فِيهِ، وَاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ فِي جِهةٍ، وَاسْتِحَالَةِ قِيَامِ الحَوَادِثِ بِهِ، وَاسْتِحَالَةِ الآلاَمِ وَاللَّذَّاتِ عَلَيْهِ.
وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ المَقْدُورَاتِ بِقُدْرَةٍ قَدِيمَةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ، عَالِمٌ بِكُلِّ المَعْلُومَاتِ بِعِلْمٍ قَائِمٍ بِذَاتِهِ، مُرِيدٌ لِجَمِيعِ الكَائِنَاتِ بِإِرَادَةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ، سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِصِفَتَيْنِ زَائِدَتَيْنِ عَلَى العِلْمِ عَلَى الأَصَحِّ، مُتَكَلِّمٌ بِكَلاَمٍ نَفْسِيٍّ قَدِيمٍ قَائِمٍ بِذَاتِهِ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٍ بِالأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالخَبَرِ وَالاسْتِخْبَارِ وَالوَعْدِ وَالوَعِيدِ وَالنِّدَاءِ عَلَى الأَصَحِّ، بَاقٍ بِبَقَاءٍ يَقٌومُ بِهِ عِنْدَ الأَشْعَرِيِّ، وَبِذَاتِهِ عِنْدَ القَاضِي وَهُوَ الأَصَحُّ. وَلاَ تُعْرَفُ حَقِيقَةُ ذَاتِهِ عَلَى الأَصَحِّ، خِلاَفًا لِلْجُمْهُورِ. وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَاقِعَةٌ.
وَأَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالوَجْهِ وَاليَدَيْنِ وَالاِسْتِوَاءِ عَلَى رَأْيٍ. وَبِصِفَةٍ تُوجِبُ الاسْتِغْنَاءَ عَنِ المَكَانِ عَلَى رَأْيٍ. وَبِصِفَةِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ عَلَى رَأْيٍ. وَبِالقِدَمِ غَيْرِ البَقَاءِ عَلَى رَأْيٍ. وَبِالعَالِمِيَّةِ وَالقَادِرِيَّةِ وَالمُرِيدِيَّةِ والحَيِّيَّةِ عِنْدَ مُثْبِتِي الأَحْوَالِ. وَبِعُلُومٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى رَأْيٍ. وَبِالرَّحْمَةِ وَالرِّضَا وَالكَرَمِ غَيْرِ الإِرَادَةِ عَلَى رَأْيٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ دَلِيلَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ لاَ إِثْبَاتًا وَلاَ نَفْيًا.
وَأَنَّهُ وَاحِدٌ بِصِفَاتِهِ. وَأَنَّهُ لاَ تَأْثِيرَ لِقُدْرَةِ العَبْدِ فِي مَقْدُورِهِ عَلَى الأَصَحِّ. وَأَنَّ العَقْلَ لاَ يَسْتَقِلُّ بِإِدْرَاكِ كَوْنِ الفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ مُتَعَلَّقَ المُؤَاخَذَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلاَ تَحْسِينَ وَلاَ تَقْبِيحَ عَقْلاً. وَأَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَلاَ يَفْعَلُ شَيْئاً لِغَرَضٍ. وَأَنَّ الأَعْمَالَ لَيْسَتْ عِلَّةً لِاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ.
وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ وَخَاتمُ النَّبِيِّينَ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ، دَلَّتْ المُعْجِزَةُ عَلَى صِدْقِهِ وَصِدْقِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَهُوَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ مَقْرُونٌ بِالتَّحَدِّي مَعَ عَدَمِ المُعَارَضَةِ. وَأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الكَبَائِرِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَفِي تَبْلِيغِ الوَحْيِ وَالفَتَاوَى، وَمِنَ الصَّغَائِرِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مُطْلَقاً خِلاَفاً لِمَنْ جَوَّزَهَا عَلَيْهِمْ سَهْوًا، بِخِلاَفِ مَا قَبْلَهَا فِي السَّهْوِ لاَ مُطْلَقًا عَلَى الأَصَحِّ. وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنَ المَلاَئِكَةِ عَلَى الأَصَحِّ.
وَأَنَّ المَعَادَ البَدَنِيَّ حَقٌّ، بِمَعْنَى جَمْعِ الأَجْزَاءِ بَعْدَ تَفْرِيقِهَا، أَوْ بِمَعْنَى إِعَادَتِهَا بَعْدَ إِعْدَامِهَا. وَأَنَّ أَرْوَاحَ أَهْلِ السَّعَادَةِ بَاقِيَةٌ مُنَعَّمَةٌ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَأَرْوَاحَ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ بَاقِيَةٌ مُعَذَّبَةٌ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَأَنَّهَا حَادِثَةٌ، وَأَنَّهُ لاَ تَنَاسُخَ فِيهَا.
وَأَنَّ سَائِرَ السَّمْعِيَّاتِ مِنْ ثَوَابِ اللهِ تَعَالَى، وَعَذَابِهِ، وَالصِّرَاطِ، وَالمِيزَانِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَوَزْنِ الأَعْمَالِ، وَنُطْقِ الجَوَارِحِ، وَالحَوْضِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَأَحْوَالِ الجَنَّةِ وَدَوَامِ نَعِيمِهَا، وَأَحْوَالِ النَّارِ وَدَوَامِ عَذَابِهَا حَقٌّ. وأَنَّهُمَا مَخْلُوقَتَانِ مُمْكِنَتَانِ، وَوُقُوعُ ذَلِكَ حَقٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخَبَرِ الصَّادِقِ.
وَأَنَّ وَعِيدَ أَهْلِ الكَبَائِرِ مُنْقَطِعٌ. وَأَنَّ وَعِيدَ الكَفَرَةِ دَائِمٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَانِدٍ. وَأَنَّ الإِيمَانَ عِبَارَةٌ عَنْ تَصْدِيقِ الرُّسُلِ فِي كُلِّ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيئُهُمْ بِهِ عَلَى الأَصَحِّ، وَأَنَّهُ لاَ يَزِيدُ وَلاَ يَنْقُصُ. وَيُقَالُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَأَنَّ الكُفْرَ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْكَارِ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيءُ الرُّسُلِ بِهِ عَلَى الأَصَحِّ، فَلاَ يُكَفَّرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ. وَأَنَّ نَصْبَ الإِمَامِ وَاجِبٌ عَلَى الخَلْقِ، لاَ عَلَى الخَالِقِ. وَلاَ يَجِبُ القِيَامُ بِدَفْعِ شُبَهِ أَهْلِ الضَّلاَلِ إِلاَّ عَلَى مَنْ تَمَكَّنَ فِي النَّظَرِ وفِي عُلُومِ الشَّرِيعَةِ تَمَكُّناً يَقْوَى بِهِ عَلَى دَفْعِهَا، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger