عقيدة الشيخ الإمام العالم
أبي جعفر أحمد بن يوسف بن علي
الفهري اللبلي
(623 - 691 هـ)
مأخوذة من فتاوى البرزلي (6/631-362)



رواها الإمام البرزلي، عن شيخه محمد البطرني، عن الشيخ الفقيه الراوية الشريف أبي عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد الحسني عن مؤلفها.


اعلموا وفقنا الله وإياكم لتوحيده، وأعاننا على لزوم تمجيده، أنه يجب على كل عاقل بالغ أن يعلم:
أن لا إله إلا الله سبحانه وتعالى.

وأنه واحد لا شريك له، قديم لا أول له، دائم لا آخر له، ليس له ضد ولا نظير، ولا معين ولا وزير، لا تماثله الموجودات ولا يماثلها، ولا تحويه الأزمان والجهات، ولا يحل فيها فلا يحتاج إلى مكان، ولا يفتقر إلى زمان.

هو الله سبحانه [لم يزل] من التنزيه والتحميد والتقديس والتعظيم، على ما كان موصوفاً بصفاته العلية، ونعوته الجليلة الأبدية.

فهو سبحانه حي عالم بجميع المعلومات، قادر على جميع الممكنات، مريد لجميع الكائنات، سميع لجميع المسموعات، مبصر لجميع المرئيات، مدرك لجميع المدركات، متكلم بكلام قديم أزلي ليس بحروف ولا أصوات، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يتكون موجود إلا بمشيئته وقدرته، فلا يقع في ملكه إلا ما أراد، ولا يجري في خلقه إلا ما قدَّر، لا يشذ عن قدرته مقدور، ولا تغرب عن علمه خفيات الأمور.

لا تحصى مقدوراته، ولا تتناهى مراداته ولا معلوماته.

أنشأ الموجودات كلها، وخلق أفعالهم بأسرها، وقدر أقواتهم وآجالهم بجملتها، فلا تزيد ولا تنقص، ولا يتقدم ولا يتأخر شيء عن شيء منها، فهي جارية على ما وقتها وقدرها في سابق علمه، ووفق إرادته، منزه عن صفات الخلق، مبرأ من سمات الحدوث والنقص، فلا تشبه صفاته العلية صفاتهم، كما لا تشبه ذاته المقدسة ذواتهم، فلا يتجدد عليه علم بمعلوم، ولا تحدث له إرادة لم تكن، وهو لا يعتريه عجز ولا قصور، ولا يأخذه سهو ولا فتور، ولا يغفل سبحانه لحظة، ولا عن أمر من الأمور، لا يفعل بآلة، ولا يستعين بجارحة، فلا يسمع بأذن، ولا يبصر بحدقة وجفن، ولا يبطش بيد، ولا يوصف بكون ولا يعلم بقلب، ولا يدبر بفكر، ولا يتكلم بلسان، ولا هو عرض ولا جوهر ولا جثمان، هو الله سبحانه العظيم الشأن، فله الصفات العلى والأسماء الحسنى.

أرسل الرسل بالبينات وأيدهم وقواهم بالمعجزات، وجعل آخرهم وخاتمهم خير أهل الأرض والسموات، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبي الأمي العربي القرشي المكي المدني صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم.

أرسله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، إلى جميع الخلق كافة، أسودهم وأحمرهم، عربهم وعجمهم، إنسهم وجنهم، فبلَّغ الرسالة وأدى صلى الله عليه وسلم الأمانة، ونصب الأدلة على صدقه، والبراهين الساطعة على صحة قوله، فكل ما أخبر به عن الله تعالى فهو حق، وجميع ما قاله فهو لا محالة صدق.

فمما أخبر به صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم، وأنه يبعثهم وجميع الخلق بعد الموت، ويحشرهم للحساب والثواب والعقاب، وأن الجنة والنار والحوض والميزان والصراط والشفاعة وسؤال الملكين منكر ونكير الميتَ في قبره عن معبوده ونبيه ودينه، كل هذا حق صحيح ثابت جاءت به الآثار، وورد به الصحيح من الأخبار.

هذا اعتقاد أهل السنة والجماعة وعلماء الأمة، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وعلى جميع النبيين والمرسلين والملائكة والمقربين عدد معلوماتك يا رب العالمين.