الرئيسية » » الدرس السابع – تمييز خواطر الخير

الدرس السابع – تمييز خواطر الخير

الحمد لله الفتاح وصلى الله على سيدنا محمد صاحب إمام الأرواح إلى مسالك الفلاح وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
كان الحديث في المجلس الماضي عن التمييز بين خواطر الخير والشر، وأن معرفة الفرق بين خاطر الخير وخاطر الشر: بعرضها على الشريعة المطهرة فما استحسنته الشريعة فهو حسن ومالم فهو قبيح، فإن لم يتضح بنص معرفة عند العارض للخاطر أو لأن الأمر من المباح، وهذا الأكثر مباح مطلق هل هو الآن خير له أو شر، يعرضه على هدي السلف الصالح ماذا كانوا يستحسنون من ذلك ويستقبحون، إن لم يتضح، اعرضه على نفسك فإن وجدت النفس نشيطة إليه مسارعة فهو الغالب من الشر.

تحدثنا بعد ذلك عن أنواع خواطر الشر، كيف نميز بين خاطر الشر الذي يأتي من الشيطان أو النفس أو الذي يكون استدراجا، تتذكرون كنا نذكر أن خاطر الشر إذا دفعه الذكر فهو من الشيطان، وإذا أصر خاطر الشر على نوع معين من الشر ورفض أن ينتقل حتى إلى نوع أسوأ منه من الشر فهو من النفس لأنها تلح على هواها وعلى ماتريد، وإذا جاء بعيد معصية أو تقصير لم يتب الإنسان منها أو استهتر بها فهو من الخطر الاستدراج.
وذكرنا أيضا أنه من الخطر على الإنسان أن يلحظ أن خاطر الشر جاءه بعد معصية، معنى هذا أن هناك غضب من الله يحتاج أن يسترضي ربه يرجع ويستغفر ويشعر قلبه خطورة الأمر، فإذا نظر الله إليه ورأى هذا المعنى قبله.
لكن السؤال الآن الذي أوجهه إلى إخواني الذين حضروا المجلس والذين شاهدوه، هل أقمتم شيء من هذه الموازين على أنفسكم أم لا؟
* استمع للحلقة السابعة وأنت تتصفح :
لأن هذا العلم علم عمل، خذ هذه المسائل وطبقها، إذا لم تأخذها ولم تحملها محمل الجد والعمل، الاستفادة منها لم تكن هي المقصودة، أنت سائر إلى الله، سر الله بحق بعمل.
في هذا المجلس سنواصل إن شاء الله عزوجل وضع ميزان آخر لتمييز خواطر الخير، قلنا أن مصدر خاطر الخير إما أن يكون من الله مباشرة، إلهاما يلهمك الله (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) هذا دليل على أنه قد يلهم من الله إما من الشر أو الخير، إما والعياذ بالله استدراجا وتنبيها أو يكون من فضل الله عزوجل تكريما وعطاءً وثوابا، أو أن يكون خاطر خير من الملك، سميناه لو ذكرتم في المجلس قبل الماضي (لمة الملك) كما جاء في حديث عنه صلى الله عليه وسلم.

تمييز خاطر الخير أهو من الله أم من الملك

الميزان الأول: انظر هل هذا الخاطر من أعمال القلوب أو من أعمال الظاهر؟

مامعنى هذا الكلام؟ الأعمال المقربة إلى الله إما أن تكون أعمال ظاهرة: قم صلي ركعتين هذا عمل شريف راق ظاهر، قم تصدق بعشرة دراهم، قم زر أحد الأقارب والأرحام، وإما أن تكون من أعمال القلوب: هل حضر قلبك مع الله في الركعتين؟، هل راعيت الإخلاص وعدم الرياء، هل تنبهت من أن لاتعجب بنفسك في حال الصلاة، هل راعيت الإخلاص عند إعطاء الصدقة لم تباهي أمام الاخرين؟، هل راعيت نفس الفقير وأنت تعطيه أم أشعرته بالمنة وأنت تعطيه؟ هذه معاني قلبية في المعاملة، هل عندما قررت أن تصوم صدقت في نيتك؟ هل استحضرت المقصود من ذلك؟ هذه الأعمال القلبية، فإذا عندنا أعمال ظاهرة وأعمال قلبية أعمال باطنة.
قال إن كان الخاطر من الأعمال الباطنة فهو من الله عزوجل مباشرة لأن الأمور الباطنة القلبية هذه فوق ادراك ساداتنا الملائكة لا يطلعون عليها في نفس الانسان.

الميزان الثاني : انظر هل هذا الخاطر يأتيك ناصحا وينصرف، أم أنه يأتيك ناصحا ويصر ويلح عليك؟

قال: إن كان ناصح فإن قبلته فبها ونعمت لم تقبله ينصرف فهو من الملائكة (لمة الملك) لأن الملك ينصحك فإذا ماقبلت يمشي، تريد مثل لذلك؟ أما استيقظت ليلة من الليالي في الثلث الأخير من الليل فتحت عينيك نظرت إلى الساعة الثانية والنصف الساعة الثالثة، خطر في قلبك لماذا لا أتوضأ وأصلي ركعتين، أجرب الصلاة التي يسمونها صلاة الليل يتكلمون عن قيام الليل، قيام الليل نشوف نصلي ركعتين صلاة الليل، أو نعيد حال كنا فيه مع الله نصلي في الليل، خطر في قلبك هذا ثم جاءك خاطر غيره: قليل اغمض عيني عشرة دقائق كمان أنام وأقوم إن شاء الله بعد ذلك، استيقظت على أذان الفجر! فاتك قيام الليل.
مالذي حصل هنا؟ الذي جائك هذا ناصح أنت لم تلتفت إليه فانصرف هذا لمة ملك، فلمة الملك تأتي ناصحة على سبيل التعريض وتنصرف لا تستقر في نفس الإنسان. لكن الذي يأتي من الله يأتي بقوة تشعر كأن الخاطر يحملك على أن تقوم وتعمل فعل الخير.

الميزان الثالث: هل جاء هذا الخاطر ابتداءا هكذا؟ أو جاء بعد فعل الخير؟

قالوا: أعمال الخير إن قبلها الله من علامات القبول لعمل الخير الذي تعمله أن يقذف الله في قلبك فتح باب عمل خير آخر، عملت على الخير الآخر تنفتح شهيتك لعمل خير آخر وهكذا.
فكل عمل خير مقبول من علامات قبوله: أن الله يفتح مثوبة يثيب صاحب عمل الخير بأن ييسر له فعل خير أكثر، اتضح الميزان الثالث؟ ان جائك هذا الخاطر من الخير بعد عمل صالح عملته فهو من الله مثوبة.

الفائدة من التفريق بين خواطر الخير

قال العلماء: أن معرفتك لمصدر خاطر الخير يعظم شهود المنة في قلبك لله..
* خاطر الملك: لما تشعر أن الله ساق إليك محبوبا من محبوبيه ملكا من الملائكة خصيصا ليكلمك لينصحك، تشعر فيه كرم الله معك تشعر عظمة هذه المعاملة الإلهية.
أنا نائم في غفلة افتح عيني أشعر بملك من الملائكة يكلمني، أي يقذف خاطرا في قلبي، ينبه قلبي يقول لي: قم صلي ركعتين، ملك يكلمك!! كيف تكلمون الملائكة؟؟ الملائكة ماتكلم إلا الأنبياء؟؟ نقول: لا، الوحي ما ينزل إلا على الأنبياء، التشريع لايكون إلا على الأنبياء، لكن لمة الملك مخاطبات الملائكة نعم يعطيها الله عزوجل المؤمن الصالح، بل إذا صفا قلبك أكثر وأكثر يمكن أن تسمع بأذنك خطاب الملائكة، من اين جاء هذا الكلام؟
- من الحديث الصحيح أن عمران بن حصين تسلم عليه الملائكة رضي الله عنه تعالى وأرضاه، كان قد ابتلي ببلاء وكانت ثمرة هذا البلاء وصبره ورضاه وحسن معاملته لربه فيما ابتلاه فيه أن الملائكة كانت تلقي عليه السلام وكان يسمع تسليم الملائكة، مالفائدة من ذلك؟ هل تسليم الملائكة يزيدك أو ينقصك من قربك إلى الله؟ أن ملك كلمك أو خاطر قلبك فيها زيادة؟ الحقيقة أن النافع والضار هو الله لا ملائكة ولا إنس ولا جن ولا أحد.
لكن المعنى هنا أن الله قد لاطفك، معنى هذا الكلام أن الله يلاطفك! اسمع يا سائر إلى الله يامريد الله، يامريد القرب من الله، إن الصادق في إقباله على الله يتهيأ إليه من إكرامات الله له، يتهيأ لملاطفات الله سبحانه وتعالى لعبيده، هذا يزيد القلوب معرفة بالله، يزيد القلب استشعارا لفضل الله.
*الإلهام : وأما الذي تشعر أن الله قذفها في قلبك مباشرة هذا إلهام {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، فهو علامة اعتناء من الله تعالى بك، أن يخاطب الله تعالى قلبك هذا عطاء من الله عزوجل، اسمع لا تخلط!! فتقول: خاطبني ربي في قلبي، قال لي: الليلة لو نمت مافي مشكلة، لو ما صليت!! هذا الذي خاطبك الشيطان لاتجعل الشيطان ربك!
الضابط هنا: الشريعة، إذا تأكدنا أنه خير الكلام بعد ما وضعناه على محاك الشريعة واعتبار السلف الصالح ومخالفة النفس، الكلام مابعد ذلك، الإلهام عطاء من الله عزوجل يبرز من حضرته إلى قلب الصادقين من عباده، يقذفه في قلب عباده، من الأمة محدثون وإن منهم عمر، كما ذكر السيوطي في الجامع الصغير بسند صحيح: “قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون، فإن يك في أمتي أحد منهم فهو عمر بن الخطاب” يأتي سيدنا عمر بن الخطاب فيلهمه الله يلقي في قلبه (يارسول الله لو اتخذنا من مقام ابراهيم مصلى) فينزل جبريل عليه السلام من السماء السابعة يقول لسيدنا محمد في القران الكريم: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، تأخذ سيدنا عمر غيرة ربانية على أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: (يارسول الله لو أمرت زوجاتك بالحجاب) فتأتي الآية التي تأمر زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجاب، حتى قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: “فإن يك في أمتي أحد منهم فهو عمر بن الخطاب“رضي الله عنه تعالى وأرضاه.
يقف سيدنا عمر بن الخطاب كما جاء أيضا في النص الصحيح في الأثر الصحيح يقف على المنبر يخطب في أيام خلافته الراشدة عمر رضي الله عنه، وهو في الخطبة خرج عن مساق الخطبة وقال: (يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، ياسارية الجبل) فأخذ الصحابة يلتفتون إلى بعضهم البعض، جاء في أسد الغابة أن سيدنا علي بن أبي طالب لما رأى الصحابة ارتبكوا فقال: (دعوه فسوف يسرى عنه اتركوه)، فهم سيدنا علي المسأله، فلما انتهى من الصلاة سألوا سيدنا عمر: مالذي جرى ياأمير المؤمنين؟ قال: ومالذي جرى؟ قالوا: كنت تخطب فإذا بك تقول: “يا سارية الجبل يا سارية الجبل”، قال: نعم خطر بقلبي أن العدو يلتف على سارية من جهة الجبل من نواحي سمرقند E (تبعد ثلاثة الآف كيلو)، جاء الجيش فسألوهم قالوا: سمعنا صوتا كصوت عمر يقول: ياسارية الجبل، ياسارية الجبل، مالذي حصل؟ الذي حصل هذا إكرام من الله ساقه إلى قلب سيدنا عمر، مالذي أشعر عمر في تلك اللحظة بأن سارية يحتاج إلى هذا التنبيه؟ الله ألهم سيدنا عمر ذلك الأمر، الله ألهمه.
- دخل أحد الأعراب كان ينظر إلى امرأة نظرة مما حرم الله تعالى النظر، نظر بعين غير صحيحة فلما جلس في مجلس سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه، تغير وجه سيدنا عثمان قال: أيزني أحدكم بعينيه ثم يأتي إلى مجلسنا دون أن يستغفر؟، صرخ الأعرابي: قال: أوحي بعد رسول الله؟!! قال: لا، لكنها الفراسة، “اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله” .
هذا في أمور التعاملات مع البشر، هي في أحوال معاملتك الخاصة مع الله أدعى وأعظم، فإذا استشعرت أن الله الآن يقول لك: قم فصل ركعتين، أن الله الآن يقول لك قم فتصدق، أن الله يلهمك أن تتحرك نحو الخير، بادر لا تتأخر ابدأ سارع استجب إلى ربك وأنت مستشعر: “الله تفضل علي”.

شهود المنة في خواطر الخير، تدفع العجب !!

تريدون فائدة اخرى لهذا الموضوع؟ أن نعرف ونستشعر ونحس أن هذا الخاطر من الخير جاء إلهاما من الله عزوجل، بأن تتخلص من مرض العجب، وسيأتي الكلام عن تفصيله في أمراض القلوب في آفات النفس، العُجب: أن يغلب على قلبك شعور أنك أنت الذي عملت من نفسك من ذاتك تمن على الله، أنا صليت الآن أعطني، أنا زكيت الآن أعطني، بعرقي كما يقولون هذا استحقاق (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) التي ضيعت إبليس.
مالذي يحميك من العجب؟ كلما استشعرت أن كل عمل من الأعمال الصالحة كان بدايته خاطر من الله عزوجل، أو خاطر جاءك من الملك ساقه الله تعالى إليك هل يمكن أن تعجب من نفسك؟ هل يمكن أن تمن على الله بعمل أنت استشعرت وشعرت أنه ألهمك إياه؟ أنه ساق إليك ملكا نورانيا، اذا استشعرت هذه المعاني قبل أن تعمل الأعمال الصالحة فلا يمكن للنفس أن تلعب عليك، لكن إن فرضا صليت، زكيت، صمت، حجيت، قرأت القران الكريم ماشاء الله رتلت أتقنت المخارج والحروف، حفظت، أجزت في الحفظ ماشاء الله عليك، صرت تقوم شيء من الليل صرت تصوم شيء من النافلة، بدأت النفس تشعر: أنا فعلت، كانوا يقولون أن إبراهيم بن أدهم رحمه الله زار أحد الناس الذين يعرفهم فلما جاء أراد أن يقضي حاجته وتوضأ أراد أن يصلي ركعتين، فقال: انتظر حتى آتيك بسجادة تصلي عليها يافلانة -يكلم زوجته- هاتي السجادة التي جئنا بها من الحج، ليست الحجة هذه ولا التي قبلها، الحجة التي قبل التي قبلها، فاسترجع سيدنا إبراهيم بن أدهم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: وماذاك، قال: أبطلت ثواب ثلاث حجج في لحظة! صرت تستعرض ما الحجة التي قبلها والتي قبلها والتي قبل التي قبلها!.
بعض الناس تزورهم يقول: هاتوا لنا التمر الذي جبناه من العمرة ليست هذه العمرة، العمرة التي قبلها، قلنا: لا بأس افرح بالحج وافرح بالعمرة حدث بنعمة الله، لكن انتبه لاتشعر بشيء من المنة، تعرف أين المحك في ذلك؟ لما تحصل لك مصيبة أو مشكلة، كلنا تحصل لنا مشاكل أجارنا الله وإياكم من المصائب، إذا جاءت مشكلة وحصلت لك، إن غلب على قلبك الغفلة عن استشعار أن هذا الخاطر كان من الله الأعمال الصالحة، تبدأ آثار الانهيار: رب ماذا فعلت؟ ماذا عملت؟ ماذا غلطت؟ يارب لماذا المصيبة هذه، انظر هؤلاء الذين يعصونك يفعلون كذا وكذا لماذا أنا من بين الناس كلها، أنا الطائع المستقيم تجيب لي هذه المصيبة!! اخسر في هذه الصفقة، ما أنجح بالترتيب الفلاني! من أين دخل الشيطان عليك هنا بهذا العجب؟ من أين ضعفت عليك نفسك؟ عندما فعلت الخير غفلت عن أن هذا الخير الذي فعلته كانت بدايته خاطر الله ساقه اليه، هو فضل من الله تعالى..
ولهذا كان السلف الصالح إذا عمل احدهم عملا صالحا يقول: أحتاج أن أشكر الله على أن وفقني إلى هذا العمل الصالح، ثم يقول أحتاج أن أشكر الله لأنه وفقني لأن أشكره على العمل الصالح، فيرى أنه في دوام الحياء من الله سبحانه وتعالى.. هذه معاني، لكن هذه المعاني عليها قوام سيرك إلى الله، لأن الله عزوجل غني عن صلاتنا وصيامنا وحجنا وزكاتنا وجهادنا وأعمالنا كلها، ولكن يناله التقوى منكم، إذا رأى من قلوبنا استشعار هذه المعاني ثمَّن هذه الاعمال.
قد سمعت عن احد مشايخ الشام الشيخ محمد شقير حفظه الله والعلماء ينقلها عن من قبله لكنني سمعتها منه قال كلمة هزتني كثيرا، قال: الأعمال الصالحة كلها أصفار، انتبه للكلام هذا لكن لا تاخذ نصفه وتترك الباقي، الأعمال الصالحة كلها أصفار الصلاة صفر، الحج صفر، الزكاة صفر، الصدقة صفر، الذكر صفر، التلاوة صفر، ورقمها الإخلاص.
معك صفرين ثلاثة اصفار أضفت جنبها رقم صارت كم؟ ألف، صفرين مائة، ثلاثة أصفار ألف أربعة أصفار عشرة آلاف، تزيد كلما زدت الأعمال الصالحة تزيد، لكن لو أبعدت الرقم هذا؟ أصبحت أصفار لاقيمة لها، قال: أعمالنا الصالحة كلها أصفار ورقمها الإخلاص لله عزوجل.
والإخلاص عمل ولا معنى؟ الإخلاص معنى نعيشه لهذا في سيرك إلى الله، الأساس هو المعاني، والمعاني هي التي تجعل الأفعال والأعمال تثمر فيما تقابل به ربك سبحانه وتعالى.

خاطر خير في باطنه شر

هذه قصة على سبيل الدعابة وهي قصة مؤسفة حصلت، شاب أراد أن يخرج لشيء من الأعمال التطوعية الخيرية، أصحابه قالوا: عندنا عمل تطوعي نريد أن ننقذ أناس ونساعد فقراء ومحتاجين، لا تكن أناني حمسوه، سيخرج لعمل خيري عندما لبس وخرج مستعجلا تأخر خمسة دقائق عن الموعد جاءت أمه عجوز على باب البيت، ولدي ولدي أنا جئت من السوق، الأكياس ثقيلة ساعدني أدخلها على المنزل، ياأمي أنتِ على أكياس سوق بطاطس وطماطم، أنا سأخرج لمساعدة ناس في مسألة مهمة وكبيرة، يا ابني ساعدني قليلا دقائق، يا أمي أنا مستعجل، أمه وقفت في طريقه، يا أمي الله يحفظك امسك بكتف أمه، يا أمي الله يحفظك هذا إنقاذ أرواح، يا أمي ابعدي الله يبارك فيكِ سقطت أمه على الأرض وانكسرت رجلها.
العمل في مبدأه خير أو شر في بدايته؟ هو ذاهب إلى أين؟ إلى مساعدة ناس، إلى دعوة إلى الله إلى مساعدة فقراء، إلى أعمال إغاثية، إلى جهاد، إلى أي عمل خير، لكن في الطريق ارتكب معصية لا تكافئها الأعمال الخيرة الأخرى، مالسبب؟ أن استجابته لهذا الخاطر كان فيها نوع من إغفال احتمال ورود الشر والاستدراج من الشيطان.

معرفة خاطر الخير الذي في باطنه شر

1. عجلة دون تأني: يستعجل فلا يفكر ما الأفضل، ولا في كيفية يعمل هذا العمل، عجلة دون تأني يعني دون تفكر في المقصود، دون تأني دون النظر إلى كيف تؤديه .
2. أمن دون خوف: ما فكر إن كان قد أخطأ في المعاملة مع الله، قد لا أكون مخلصا، -ولا أعني بهذا التفكير بأن تتراجع- فكر واشتغل اخرج إلى الخير واخشى أن يكون عندك نقص إخلاص، لايأتي الشيطان يضحك عليك، أنت غير مخلص.. أحسن اجلس! وإذا أنت جلست وفرت على الشيطان، أصلا هو لماذا يحتال عليك بالرياء؟ ليحبط العمل الذي يزيدك الاجر، فأنت وفرت عليه الجهد يقول لك شكرا، لكن لا!! أمن في غير خوف، أي: ماحسبت حساب للعواقب، ماخفت أن يكون هناك نقص في الصدق في تصحيح النية .
3. نشاط في غير خشية: تؤدي العمل باجتهاد لكن أثناء أداء العمل بنشاط دون شعور بالخشية.
4. عمى على العاقبة: مامعنى عمى على العاقبة؟ يعني مافكرت ما مقصودك من هذا العمل، قررت أن تعمل عملا خيريا.. إغاثيا، لماذا تعمله؟ فقط لأنه إنساني؟ أم تريد بذلك أن تتقرب إلى الله بعمل يحبه الله؟ تريد أن تستخرج من قلبك معنى الرحمة، الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، فالنظر في عواقب الأمور أساس، ولو رأيتم اكثر الأعمال الخيرية التي تحولت بعد ذلك إلى أعمال خاطئة أو تضر المسلمين أو تضر بالدعوة إلى الله عزوجل لوجدتم الذين استجابوا لها قد يكونوا ممن أرادوا الخير لكن أغفلوا هذه الأربعة..
كانوا في عجلة في غير تأن، ونشاط في غير خشية، وأمن في غير خوف، أي من الله وعمى عن العاقبة عدم النظر إلى عواقب الأمور، يكون خاطر خير استجب وسارع، أمرنا بالمسارعة الى الخير لكن فرق بين المسارعة وبين العجلة، المسارعة أن تخرج من نفسك قرار العمل وتبدي لله عزوجل همة العمل، لكن العجلة عدم النظر في كيفية أداء العمل على طريقة يحبها الله.
سمع أن من صلى عشرين ركعة فقد أدى التراويح كاملة كما جاء في السنة التي عليه الخلفاء الأربعة والمذاهب الأربعة وجمهورنا، تريد ثمانية صليها ثمانية، تريد ستة صليها ستة، تريد عشرة صليها عشرة، صليها ركعتين لا تجعل المسألة قضية، لكن المقرر عند الجمهور من أهل العلم أن كمال التراويح عشرين، قال شخص: أنا أريد إكمال سنة التراويح، صلى عشرين، أين تذهب؟ قال: سأذهب للمسجد الفلاني، لماذا؟ لأنه والله شيخ ضرب الرقم القياسي!!! الله اكبر.. آمين بعد الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد، الله اكبر، بسرعة يكمل صلاة التراويح، الله الصمد، الركعة الثانية لم يلد الركعة الثالثة. لماذا بحثت عن المتعجل هنا؟ هذه العجلة المذمومة مايكاد يركع إلا اعتدل، ما الإشكال هنا؟ أنه أدى العمل كاملا لكنه لم يأخذ هنا لا الخشية ولا التأني ولا الخوف ولا النظر في العاقبة ثمرة الصلاة.

ننصرف من هذا المجلس

بمعرفة التفريق بين خواطر الخير وكيف نتعامل معها التي من الله مباشرة إلهاما، والتي من الملائكة لمة، وخرجنا منها بمعرفة كيف نفرق بين خاطر الخير الحقيقي والشر الذي يأتي في صورة الخير.
بقي عند انصرافك من هذا المجلس هل ستعمل بمثل هذا الكلام؟ هل ستخصص وقت تتأمل فيه وتتفكر؟ هذا سيرك الى الله.
اللهم يامن وفق أهل الخير للخير وأعانهم عليه وفقنا للخير وأعنا عليه، لاتحرمنا خير ماعندك بشر ماعندنا فضلا وإحسانا وجودا وامتنانا برحمتك يا ارحم الراحمين، واللقاء بإذن الله في المجلس القادم للحديث عن مداخل الشيطان على نفس الإنسان وكيفية التخلص منها أعاذنا الله وإياكم من الشيطان والحمد لله رب العالمين ..

*
مشاهدة وتحميل الحلقة السابعة- فيديو – من هنا
* تحميل الحلقة السابعة – صوت – من هنا
* المزيد من الدروس عبر الرابط من هنا
Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger