الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علَّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الأكارم... لا زلنا في موضوعات الفقه، والموضوعات كما بينت لكم من قبل، موضوعاتٌ أشعر أننا في أمس الحاجة إليها، من خلال توقعٍ أو واقع، أكثر الأسئلة التي تردُ من إخوةٍ كرام أربعة أخماسها، أو أقل بقليل تتعلق بالطلاق. فالإنسان علاقته مع زوجته هذه علاقة واقعة وقائمة، وهذه العلاقة قد تتعثرها بعض المشكلات، أي حينما يلجأ الزوج إلى حل مشكلته عن طريق يمين الطلاق، فهذا طريقٌ فيه خطأٌ كبير، وقد بينت في الدرس الماضي كيف أن هناك الطلاق السُني، والطلاق البدعي، طلاقٌ ثلاث مرات في مجلس واحد، ولموضوع واحد، هذا طلاق بدعي، طلاق الزوجة وهي في حيضٍ طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة في طُهرٍ مسها فيه طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة لموضوعٍ لا علاقة لها به هذا طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة قبل أن تراجعها تطليقةً ثانية هذا طلاقٌ بدعي طلاقٌ بلا شهود. هذا الموضوع تم عرضه في الدرس الماضي، وبينت أن الطلاق البدعي عند جمهور العلماء يقع، ولو أنه بدعي، وعند بعض العلماء لا يقع، إذاً يوجد مخاطرة كبيرة، لو أنك خالفت السنة في تطليق زوجتك فإن الطلاق يقع، عند جمهور العلماء.
والطلاق كما أراده الله عزّ وجل صمام أمان، والطلاق فيه مراحل يمكن للرجل إذا ندم على فعلته أن يتلافى الندم، حينما جعل الطلاق تطليقة أولى وعِدة، تطليقة ثانية و عدة، ثم البينونة الكبرى، كل هذا تم في درسٍ ماضي. واليوم ننتقل إلى موضوعٍ آخر ألا وهو التفريق، يوجد عندنا تطليق، وتفريق وخلع، التطليق من حق الزوج، والتفريق من حق القاضي، والخلع من حق الزوجة، الزوجة في بعض الحالات تتطلب أن تخلع من زوجها مقابل أن تسامحه بكل شيء، والقاضي أحياناً حينما ترفع له قضية امرأة سافر عنها زوجها ولم يعد، وظل مسافراً سنتين أو ثلاثة، لا تعلم عن أخباره شيئاً، القاضي يصدر قراراً بالتفريق، وحكمه نافذ، وبإمكانها أن تتزوج بعد قرار التفريق، فالدرس اليوم عن التفريق والخلع، ولكن قبل أن نخوض في تفاصيل أحكام التفريق والخلع، لابد من مقدمة.
أيها الإخوة الأكارم... الإنسان يوجد عنده شيئان أساسيان، الإيمان بالله والعمل الصالح، لأن الله عزّ وجل يقول:
أيها الإخوة الأكارم... لا زلنا في موضوعات الفقه، والموضوعات كما بينت لكم من قبل، موضوعاتٌ أشعر أننا في أمس الحاجة إليها، من خلال توقعٍ أو واقع، أكثر الأسئلة التي تردُ من إخوةٍ كرام أربعة أخماسها، أو أقل بقليل تتعلق بالطلاق. فالإنسان علاقته مع زوجته هذه علاقة واقعة وقائمة، وهذه العلاقة قد تتعثرها بعض المشكلات، أي حينما يلجأ الزوج إلى حل مشكلته عن طريق يمين الطلاق، فهذا طريقٌ فيه خطأٌ كبير، وقد بينت في الدرس الماضي كيف أن هناك الطلاق السُني، والطلاق البدعي، طلاقٌ ثلاث مرات في مجلس واحد، ولموضوع واحد، هذا طلاق بدعي، طلاق الزوجة وهي في حيضٍ طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة في طُهرٍ مسها فيه طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة لموضوعٍ لا علاقة لها به هذا طلاقٌ بدعي، طلاق الزوجة قبل أن تراجعها تطليقةً ثانية هذا طلاقٌ بدعي طلاقٌ بلا شهود. هذا الموضوع تم عرضه في الدرس الماضي، وبينت أن الطلاق البدعي عند جمهور العلماء يقع، ولو أنه بدعي، وعند بعض العلماء لا يقع، إذاً يوجد مخاطرة كبيرة، لو أنك خالفت السنة في تطليق زوجتك فإن الطلاق يقع، عند جمهور العلماء.
والطلاق كما أراده الله عزّ وجل صمام أمان، والطلاق فيه مراحل يمكن للرجل إذا ندم على فعلته أن يتلافى الندم، حينما جعل الطلاق تطليقة أولى وعِدة، تطليقة ثانية و عدة، ثم البينونة الكبرى، كل هذا تم في درسٍ ماضي. واليوم ننتقل إلى موضوعٍ آخر ألا وهو التفريق، يوجد عندنا تطليق، وتفريق وخلع، التطليق من حق الزوج، والتفريق من حق القاضي، والخلع من حق الزوجة، الزوجة في بعض الحالات تتطلب أن تخلع من زوجها مقابل أن تسامحه بكل شيء، والقاضي أحياناً حينما ترفع له قضية امرأة سافر عنها زوجها ولم يعد، وظل مسافراً سنتين أو ثلاثة، لا تعلم عن أخباره شيئاً، القاضي يصدر قراراً بالتفريق، وحكمه نافذ، وبإمكانها أن تتزوج بعد قرار التفريق، فالدرس اليوم عن التفريق والخلع، ولكن قبل أن نخوض في تفاصيل أحكام التفريق والخلع، لابد من مقدمة.
أيها الإخوة الأكارم... الإنسان يوجد عنده شيئان أساسيان، الإيمان بالله والعمل الصالح، لأن الله عزّ وجل يقول:
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)﴾
أي الزمن يستهلكه، كلما مضى يومٌ انقضى بضعٌ منه، يقدر يتلافى الخسارة في حالةٍ واحدة، أن يستهلك وقته في الإيمان والعمل الصالح، الآن دقق، الإيمان بالكون، الإيمان بالكتاب، القرآن الكريم والسُنة، الإيمان بالأحداث أي أفعال الله عزّ وجل، فأنت من خلال الأحداث تؤمن، ومن خلال القرآن الكريم والسُنة تؤمن، ومن خلال الكون تؤمن، ولكن إذا آمنت، إذا آمنت من خلال هذه المصادر الثلاث، وصدقت بما جاء النبيّ عليه الصلاة والسلام الآن شطر الإيمان أن تنعقد صلةٌ لك بالله عزّ وجل، هذه الصلة أساس إشراق الحقيقة في النفس يقول لك: فلان مستنير، فلان يمشي على هدى، وربنا عزّ وجل قال:﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)﴾
يا إخوان إن حال المؤمن حال عجيب، المؤمن مستنير، قبل قليل أخ حدثني كلمة تأثرت لها، قال: أنه تنبأ لفلان بشيء فوقع، المؤمن هل يعلم الغيب ؟ لا والله لا يعلم الغيب لكن المؤمن يعلم قوانين الله عزّ وجل، يعلم هذه السُنن التي سنها الله عزّ وجل، فغير المؤمن يظن نفسه أنه شاطر عندما يأكل مال حرام، ويقتنص اللذائذ المُحرمة، ويعتدي على حقوق الآخرين، فهو يعد نفسه ذكي بهذا الشيء، فيأتي العقاب الإلهي فيسحقه سحقاً، أما المؤمن مستنير، يعرف أن العباد لهم رب، وحقوق العباد محفوظة عند الله عزّ وجل، إذاً عندما الإنسان يؤمن بوجود الله وكماله وأسماؤه الحُسنى ووحدانيته، من خلال الكون أو القرآن أو الحوادث وتنعقد مع الله صلة، الآن ثمار الإيمان ثلاث ثمار كبرى، أول ثمرة: إشراق الحقيقة في نفسه المؤمن مستنير، وكل ما يجري حوله له تفسير عنده، تفسير واضح تماماً، فلان كان ورعاً فأكرمه الله، فلان أكل مالاً حراماً فأتلف الله ماله، فلان ظلم الآخرين فظلموه، فلان أحسن فأُحسن إليه، تلاقي كلما سمع قصةً، أو عاين واقعةً شعر أن هذه الواقعة تندرج في منظومة الإيمان.لذلك أنا قلت لإخواننا البارحة: أنه إذا سمعت قصة تقوي الإيمان فارويها، إنسان كان ورعاً فأكرمه الله، إنسان تعفف عن الحرام فأكرمه الله، إنسان أكل مالاً حراماً فأتلف الله ماله، هذه قصص تُقوي، كما قلت في درس الجمعة: الله عزّ وجل قال:
﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى﴾
إذاً بالقصة يوجد عبرة، وشيء ثاني في القصة:﴿ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾
أحياناً القصة الصادقة الواقعية تعطيك دعم، تعطيك بالتعبير الحديث زخم، قوة معنوية عالية، أن الله عزّ وجل موجود، والله كبير، والله كريم، والله لا يتخلى عن المؤمنين وسينصرهم، فلذلك أول ثمرة بالإيمان هي إشراق الحقيقة في النفس، فلان مستنير، فلان يمشي على هدى، معه مفاتيح النجاح، معه قوانين النجاح، يعرف أسباب الهلاك، يعرف أسباب الدمار، يعرف أسباب الشقاء الزوجي، أسباب السعادة الزوجية، يعرف أسباب النجاح بالعمل التجاري، يعرف أسباب الإخفاق بالعمل التجاري، يعرف أسباب السعادة النفسية الداخلية، كل هذا يعرفه، كلها من خلال كتاب الله عزّ وجل، من خلال دروس العلم، من خلال السُنة النبوية إذاً أول ثمرة من ثمار الإيمان: إشراق الحقيقة في النفس، المؤمن صاحب بصيرة، الثمرة الثانية بعد إشراق الحقيقة وهي: اصطباغ النفس بالكمالات الإنسانية، لا تصدق مؤمن كذاب لا تصدق هذا ليس مؤمن، المؤمن صادق، المؤمن أمين، المؤمن كريم، المؤمن عنده نفسية متواضعة، المؤمن عفو، المؤمن متسامح، المؤمن مُنصف، المؤمن يحاسب نفسه حساب شديد المؤمن تحت قدمه كل العنعنات الجاهلية.يعني مرة قال لي أخ: أنه سكن في بناء أغلب سكانها من أُسرة واحدة، واحد منهم قال له: من أنت ؟ قال لي: قد جرحني، وهذه عنعنة جاهلية، عندما تعرفون أن أحد الصحابة في ساعة غضب غضِب من سيدنا بلال فقال له: يا ابن السوداء، فالنبي عليه الصلاة والسلام غضب غضباً شديداً، فقال له:
﴿ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ...﴾
عندما تقول أنا ابن فلان، أنا أتكلم بكذا ألف، أو أنا حجمي المالي كذا، عندما تقول من هو فلان ؟ أو ما معه فلان ؟ حينما تنطلق انطلاق عنصري في جاهلية، أما المؤمن متواضع أولاً، ويحترم جميع الخلق من دون استثناء، إذاً أول ثمرة من ثمار الإيمان: إشراق الحقائق في النفس، المؤمن مستنير، أحياناً تجلس مع واحد ابن صنعة، يقول لك: هذه إذا فعلت ذلك يصير معك هكذا، إذا لم تغسل القماش ينكمش على التفصيل، إذا لم يكن القماش مكوي على الطريقة الفلانية يعمل لك مشاكل، من هو صاحب الخبرة ؟ يوجد عنده آلاف الحقائق، كلها متراكمة عنده، فكل غلطة لها نتيجة، كل غلطة لها ثمن، كل جهد زائد في الصنعة له ثمن أيضاً، فكيف أن أصحاب الصنعات يعرف ويتنبأ بما سيكون لا من باب علم الغيب، ولكن من باب معرفة القوانين، كذلك المؤمن تشرق الحقائق في نفسه، يعرف مثلاً: من عَقَّ والديه سيأتيه أولادٌ يعقونه، يعرف أن من كسب مالاً حلالاً بارك الله له فيه، لذلك يتهنى، يكون دخله قليل لكن فيه البركة، وأنا أُؤمن بالبركة، تلاقيه يأكل، ويشرب، ويلبس، وحجم دخله لا يكفيه ثلاثة أيام حسب مقاييس الناس، كيف كفاه ؟ الله عزّ وجل بارك له فيه لأنه مالٌ حلال، والمال الحرام كثير جداً لكنه يذهب بطريقةٍ أو بأُخرى تؤلم صاحبها، لأن الله أتلفه، والنتيجة أن الإنسان إذا آمن بوجود الله وبكماله وبوحدانيته من خلال الكون أو الأفعال أو القرآن، وعقد مع ربه صلةً محكمةً، أشرقت الحقيقة في نفسه أولاً، وثانياً اصطبغ بالكمال الإنساني، المؤمن محبوب، وإن لم يكن محبوباً فهو ليس مؤمناً، لماذا لا يُحب وهو الصادق الذي لا يكذب ؟ قلت لكم: مرة إنسان كان له عمل لا يُرضي الله إطلاقاً، فاصطلح مع الله وتاب واعتزل العمل الذي لا يرضي الله، فسُئل: أن ما الذي جعلك تؤمن ؟ قال له: أنا أعيش في جو كذب، وجو نِفاق، وجو خِداع ومؤامرات، وفي النهاية كلنا أشقياء، فلما خالطت أهل الإيمان قبل أن يصطلح مع الله قال: رأيت الصدق والوفاء، رأيت التعاون، رأيت السعادة.
فأنت اجلس مع المؤمنين، هذا شيء مريح جداً، إنسان أولاً: طيب القلب صافي إذاً من ثمار، الإيمان إشراق الحقائق في النفس، واصطباغ النفس بالكمالات الإنسانية، والشيء الثالث: الانغماس في السعادة الروحية.
اليوم في الفجر حكيت لإخواننا كلمة، أجد نفسي حريصاً على إعادتها، وحتى لا نضيع الوقت يوجد نقطة وهي: يجب أن تصل إلى الله، وإن لم تصل إليه، يوجد في الدين نشاطات كثيرة جداً ؛ ممكن تستمع إلى دروس علم، ممكن تساهم في عمل خيري، ممكن تحفظ كتاب الله وهذا شيء عظيم، ممكن تؤلف كتب، ممكن تنشر علم، لكن من أجل أن تصل إلى الله لا بد من إحكام استقامتك، لابد من طاعته طاعةً تامة، لابد من بذل شيءٍ ثمينٍ في سبيله، إذا أطعته إطاعة تامة، وبذلت شيء ثمين، تصل إليه، فإذا وصلت إليه أنزل على قلبك السكينة ذكرت هذا في صلاة الفجر اليوم، لأن الله عزّ وجل يقول:
﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ﴾
يعني المؤمن متمسِّك بدينه، متمسك بمجلس العلم، لأنه قنعان ؟ لا لأنه أبلغ من قنعان، لأن نفسه انتشت بالقرب من الله عزّ وجل، عندما أقبل على الله واتصل به شعر بالطمأنينة، شعر بالسعادة، لذلك السكينة التي يلقيها الله على قلوب المؤمنين، هي التي تشدهم إلى الدين، بالإضافة إلى إيمانهم بوحدانية الله وبعظمته وبأسمائه وبكمالاته إضافةً.﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾
فيا إخواننا الكرام إذا نحن تمكنا، ضبطنا أُمورنا، ضبطنا استقامتنا، بذلنا مما أكرمنا الله به من علم، من مال، أهل الغنى عليهم أن يُنفقوا مما أفاء الله عليهم، أهل العلم عليهم أن يُنفقوا من علمهم، أهل الجاه عليهم أن يُنفقوا من جاههم، الاستقامة سلبية، والعمل الصالح إيجابي، أنت عندما تنضبط تلزم سبيل الاستقامة تماماً، لا تحيد عنها، في بيتك، في عملك، في نشاطاتك في لهوك، في كسب مالك، في إنفاق مالك، في علاقاتك بأهلك وأولادك وبوالديك، أي حينما تلتزم أمر الله عزّ وجل، وحينما تبذل مما أفاء الله عليك، عندئذٍ تنعقد مع الله الصلة، عندئذٍ تصل إلى الله، ومن ذاق عرف، ومن وصل عرف، والقصة التي تعرِفونها جميعاً: أن واحد خطب بنت أحد الشيوخ، فهذا الشيخ يظهر أن الله مفتح له بصيرته، قال له: يا ابني هذه مهرها غالي كثير، قال له ما هو مهرها ؟ قال: أن تحضر عندي، قال: نرضيه ونعمل له كم درس ما هذا المهر العظيم.يوجد أخ من إخواننا أحضر لي خطيب على البيت وقال لي: هذا خاطب ابنتي قلت له: والله أهلاً وسهلاً، لكن نحن إخواننا لهم التزامهم بالدرس فقال لي: أحضر ولا شيء في ذلك، قلت له: أهلاً وسهلاً، فأصبحت أُلاحظه أثناء الدرس قاعد متضايق، أصبح الدرس ضريبة بالنسبة له، وأشعر أنه ليس معنا إطلاقاً، صدقوني بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة انقلبت أحواله كلها واندمج، فقال: سبحان الله مثل ما قال الإمام الغزالي:
(( أردنا العلم لغير الله فأبى العلم إلا أن يكون لله ))
أنت أحياناً يستحي منك شخصاً حياءً فيأتي معك إلى الدرس، يجوز يعمل مفتاح الاشتعال ( الكونتاك ) عنده بعد الدرس، فأول الأمر جاء ليرضيك، وبعدها اشتغل، وأقبل فأشرق الإيمان في قلبه، فلا تزهد، فأنا أردت من هذه المقدمة أن الإيمان أولاً: فيه إشراق حقيقة، ثانياً بالإيمان: يوجد شيء ثمين وهو الاصطباغ بالكمالات الإنسانية، المؤمن وفي.فقد حدثني اليوم أخ يعطي دروس خاصة، قال لي: والله إذا لم أفيد الطالب أحس إني أكلت مال حرام، قلت له: بارك الله بك، وقلت له: والله التدريس الخاص، ممكن ألف مدرس يأخذ منك على الدرس خمسمئة ليرة ولا يعلم ابنك، يجلس معه ساعة، يعطي له كم تمرين وحلهم، وإذا لم يعرف حلهم يحلهم له هو، لكن لم يعلمه كيف يحل التمرين، ولكنه جلس ساعة وأخذ خمسمئة ليرة، لكن المؤمن لا يأخذ خمسمئة ليرة حتى يعلمه فعلاً، حتى يعلمه كيف يحل مسألة، كيف يعرب، كيف يكتب موضوع تعبير، إذا لم يقدم له شيء ثمين لا يأخذ مبلغ إذاً الإيمان فيه إشراق، وفيه كمالات، وفيه انغماس بسعادة روحية.
يا إخوان إن لم تشعر بهذه السعادة فهناك مشكلة، أي إذا لم تشعر أنك قريب من الله وسعيد، راجع نفسك، لا تمشيها، ولا تقول: أنا أذهب إلى الدروس، أنا أُصلي، أنا حججت خمس حجج، أنا عملت ثلاث عمرات، أنا أدفع زكاة مالي، إذا لم تصل إلى الله عزّ وجل وأخذت من الله السكينة هذه راجع حساباتك، كن واعي، وأعرف قيمة الحياة، وإن الحياة ثمينة جداً، هذه النقطة الثانية، إذاً الذين آمنوا، آمنا بالله خالقاً ومربياً ومسيراً، آمنا بوجوده ووحدانيته وكماله، آمنا من خلال الكون والقرآن والأحداث، عندما آمنا انعقدت مع الله صلة وعلى أساس هذه الصلة الحقيقة بالنفس أشرقت، اصطبغت بالكمال، أصبحت إنسان أخلاقي يشار لك بالبنان، هذا لا يكذب، هذا لا يغش، المؤمن يحاسب نفسه حساب عسير، حتى في كل الحِرف، تلاقي نفسك ترتاح لصاحب الحِرف المؤمن، يعني معقول صاحب حِرفة مؤمن يغشك يقول لك: والله وضعنا قطعة من الوكالة وهي عتيقة، يقول لك: هذه غيرناها، وهو لم يغيرها معقول ؟ لا مستحيلة هذه، مستحيل، لأنه يعرف أن الله موجود ويراقب، الشيء الثالث انغماس السعادة الروحية، إشراق الحقيقة بالنفس، الاصطباغ بالكمالات البشرية.
الآن توجد فكرة دقيقة تكلمت عنها في خطبة الجمعة، في اللحظة التي تستقر حقيقة الإيمان في النفس، يتحرك الإنسان نحو العمل الصالح، إيمان سكوني لا يوجد يا إخوان، لا تغشوا أنفسكم، واحد نواياه طيبة مؤمن، فهذا إيمان مُزيف، الإيمان حركي، مثلاً: أب ويوجد مدفأة مشتعلة، وابنه عمره سنتين وماشي باتجاه المدفأة، فهل يظل الأب ساكت ؟ هذا مستحيل لا يتكلم بل يقفز ويمسكه من يده، أي مادام يوجد في قلب الأب رحمة، والطفل الصغير الجاهل بأخطار النار يدفع الأب للحركة، فتقول لي مؤمن، فالمؤمن يتحرك نحو العمل الصالح، هذا معنى:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
لكن:﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾
الحق يوجد عنده طريقة ذاتية للنمو، الحق إذا لم ينمو، الباطل يحاصره، الحق إن لم ينمو، فهو يتراجع، فأنت كفرد عليك أن تؤمن وتعمل صالحاً، أما كفرد في مجتمع، عليك أن تتواصى بالحق، لذلك مؤمن ساكت لا يوجد، المؤمن علامة إيمانه أنه يسعى، كل واحد منكم له أقرباء، له جيران، له زملاء عمل، له أصدقاء، له رفقاء ما قبل الإيمان، هؤلاء كلهم في ذمته، دققوا في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (( إن الله يسأل العبد عن صحبة ساعة ))
لك رفيق بالابتدائي، لك رفيق بالعسكرية، لك رفيق بالبيت القديم، بالحارة القديمة لك رفيق عندما كنت تعمل في القماش، لك صديق مثلاً رافقته مرة في رحلة طويلة، صاحبته ساعة، مادام لك مع أخ صحبة ساعة، (( إن الله يسأل العبد عن صحبة ساعة ))
واحد تزوج، دخل إلى بيت أهل زوجته، فرأى حماته طبعاً أصبحت من محارمه وله أصهر هم إخوة الزوجة، عندما صار بينه وبينهم معرفة هؤلاء أصبحوا في مسؤوليته، فإذا وجد انحراف فعليه أن يهديهم، أن يدلهم على الله، أن يدعوهم إلى مجلس العلم، فالحق كيف ينمو ؟ ينموا بالتواصي بالحق، هذا التواصي ينمي الحق، هذا النمو إن لم يكن كان الانكماش الباطل ينمو، فالحق إذا لم ينمو الباطل حاصره، وحتى الحق لا يتحاصر ويُحاصر الباطل فلابد من التواصي، كلمة تنمية كلمة يقولها العالم كله اليوم، كل شيء ينمو، الشركات تنمو الاقتصاد ينمو، الإنتاج القومي ينمو، والحق يجب أن ينمو، فإن لم ينمو الحق يتراجع، لذلك حاسب نفسك هذا الحساب، عندما تجد نفسك لا يهمك أحد، فقط يهمك دخلك وبيتك، ومصالحك الشخصية، ونجاح مصلحتك، وآكل وشارب ونائم متدفي، لابس، ولا يوجد شيء تشتهيه ما أكلته، وعلى الدنيا السلام وهذه الحياة كلها، لا تغضب من نفسك، كن صريح معها، قول: أنا لا يوجد في إيمان، كلمة إيمان تعني التحرك نحو خدمة الخلق:﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾
عندما كنا صغار كان يوجد خط قطار إلى بيروت، وكان يستغرق إثنا عشر ساعة كان يلفت نظري بهذا الخط عند بعض الجبال يوجد ضمن السكة خط ثالث مسنن، سألت عنه فقيل لي: هذا مسنن لأن القطار عندما يصعد لسبب أو لآخر وتوقف عن الحركة وحتى لا يتراجع، لأن حديد على حديد يصبح انزلاق، يوجد أسنان، والأسنان مربوطة بالقاطرة الأساسية فهذا المثل ترك في نفسي أثر أن الإنسان يصعد ولكن يجب أن لا يرجع، التواصي بالحق أي ينهض بالحق، أما التواصي بالصبر أي مسننات تمنع التراجع، فالصبر لئلا تتراجع، لئلا تنتكس، لئلا تضعف، لئلا تهون على الناس، اصبر وما صبرك إلا بالله، فهذه الآية في سورة العصر كانت محور الخطبة السابقة، أنك كفرد عليك أن تؤمن وتعمل صالحاً، وكفرد في مجموع عليك أن تدعو إلى الله، وأن تتحمل كل المتاعب، الدعوة إلى الله تنمية للحق، وتحمُّل المتاعب صيانة للحق من أي تراجع.الآن ما علاقة هذه المقدمة بهذا الدرس ؟ يوجد علاقة وشيجة، المؤمن يعيش لرسالة يعيش لهدف كبير، فيكون مسيء لزوجته التي هي أقرب الناس إليه ؟!! هذا مستحيل.
وتكلمنا في الدرس الماضي، أن المرأة تطلق في حالتين نادرتين، حينما يشك في سلوكها، أي حينما يشك أنها زانية يطلقها، وحينما تفقد قيمتها أي حينما لا تحصنه، فأصل الزواج أن تحصنه عن الحرام، فإن لم تكن محصنةً له هذه حالة ثانية، لكن ما سِوى الحالات فأنا أحياناً أسمع عشرات الشكاوى، وأن كل هذا الكلام لا يوجب الطلاق، مهما تكلمت، لو ذكرت لي مئة علة لها، كل هذه العلل بمجموعها لا ترقى إلى مستوى أن تطلق، ومع التطليق تشريد الأولاد، والأصح إن سألتموني هذا السؤال: المؤمن لماذا لا يطلق ؟ والطلاق مباح، أنا لي جواب خاص: لا يطلق، لأنه حينما تزوج، تزوج وفق الشرع، اختارها مؤمنة، مادام اختارها مؤمنة إذاً لا يحتاج إلى تطليقها، هذه نقطة.
درس اليوم أنه إذا فرضنا إنسان ترك زوجته وسافر، يوجد عندنا موضوع اسمه التفريق، أول حالة قال: " الزوجة لها الحق أن تطلب من القاضي التطليق من زوجها إذا امتنع عن الإنفاق عليها "، نحن يوجد عندنا قاعدة أساسية في الزواج:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
فالزوج حينما ينفق على زوجته له حق القوامة، فإذا امتنع ، فهو حبسها له، حبسها لصالحه، أعطاه الله حقوقاً كثيرةً عليها، أي له عليها، مقابل هذه الحقوق عليه أن يُنفق عليها فإذا امتنع عن الإنفاق عليها فالزوجة لها الحق أن تطلب التفريق من قِبل القاضي، هذا الموضوع خلافي، دائماً وأبداً إذا قلت هذا الموضوع خلافي، أي أن هناك فقهاء أجابوا بوجوب التطليق وهناك فقهاء منعوا التطليق، لهؤلاء حجج، ولهؤلاء حجج، الذين رأوا أن الزوج إذا امتنع عن الإنفاق على زوجته لها الحق أن تطالبه بالتطليق، قال: إن هؤلاء حجتهم أن الزوج مكلفٌ أن يمسك زوجته بالمعروف، أو يسرحها بإحسان لقوله تعالى:﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾
الإمساك بالمعروف من أُولى شرائطه أن تنفق عليها، فإن لم تنفق عليها أنت أمسكتها بغير معروف، هذه أول حجة، الحجة الثانية، قال تعالى:﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا﴾
فهي تكون مربوطة لك، وموقوفة لخدمتك، وهي محصورة فيك وهي جائعة !! ليس لها مسكن، ليس لها طعام تأكله، يدخل مع الامتناع عن الإنفاق البخل، لا يوجد صفة تمتِّن علاقة الزوج بزوجته كالإكرام، فالبخل عامل مهدِّم للسعادة الزوجية، والنبي الكريم يقول: (( ليس منا من وسَّع الله عليه ثم قتر على عياله ))
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ))
فالإنسان إذا امتنع عن الإنفاق عن زوجته فقد أضر بها، وبعض العلماء قال: لا الله عزَّ وجل قال:﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7)﴾
معناها إذا كان في تقطير، والزوج معسر فعلاً في حكم، وإذا الزوج ميسور الحال ويمتنع عن الإنفاق إضراراً بالزوجة، أصبح في حكم آخر، فقد إختلف الوضع، فهناك معسر وفي ممتنع، الممتنع له حل، والمعسر له الصبر، لكن سبحان الله في نظام، الزوج مكلف أن يطعم زوجته مما يأكل، لا يكلِّفه الله فوق ذلك، لماذا ؟ حتى لا يكون في ضغط من الزوجات على أزواجهن من أجل أن يكسبوا مالاً حراماً لينفقوا عليهن، كانت الصحابية الجليلة تقول لزوجها (( اتق الله بنا نحن بك، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام ))
أي نحن إقبالنا على الله أساسه أنت، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام هكذا كانوا الزوجات الصالحات، فهذه الآية تبين إذا كان الزوج معسر يجب أن نصبر، وما دام الزوج يطعمنا مما نأكل لم يعد هناك ظلم، لكن متى الظلم ؟ إذا كان هو يأكل ما لذَّ وطاب ويحرم أهله.سئل إمام كبير عن رجل عاجز عن الإنفاق على زوجته: أيفرق بينهما ؟ قال: " نستأني به ولا يفرق بينهما ت وتلى الآية الكريمة، الآية:
﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7)﴾
يوجد عندنا استنباط آخر، أن الصحابة الكرام، فيهم الغني وفيهم المعسر، وما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام طلق امرأةً من صحابيٍ لأنه معسر، هذا الحكم لم يكن على عهد النبي موجود.ولما نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم سألنه شيئاً لا يملّكه، عوقبوا من قبل الله عزَّ وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28)﴾
والآية معروفة، فالحكم الوسط: إذا الزوج يمتنع إضراراً، وكيداً، وإيقاعاً للأذى بزوجته، فلها الحق عندئذٍ أن تطالب القاضي أن يفرق بينهما، أما إذا الزوج معسور، الزوجة المؤمنة تصبر حتى يكرمه الله عزَّ وجل.الآن في عندنا حالة ثانية، القاضي يفرق بين الزوجين قال: " إذا كان الزوج غائباً غيبةً قريبة، غاب ولم يترك شيئاً قال: " إن كان له مالٌ ظاهر أي له دكان وفيها موظفين، له مثلاً أموال مستثمرها عند أشخاص، إن كان له مال ظاهر القاضي يحكم بأن يؤخذ من المال شيئاً للإنفاق على زوجته، وإذا لم يكن يوجد مال ظاهر، القاضي يوجه له إنذار بالطرق المعروفة الآن بالصحف يوجه له إنذار، ويضرب له أجلاً، فإن لم يرسل نفقة زوجته على نفسها، أو لم يحضر للإنفاق عليها، طلق القاضي هذه الزوجة بعد مضي الأجل، أي إذا واحد يترك ويمشي.
ولآن في عندنا حالة ثانية، القاضي يفرق بين الزوجين قال: " إذا كان الزوج غائباً غيبةً قريبة، غاب ولم يترك شيئاً قال: " إن كان له مالٌ ظاهر أي له دكان وفيها موظفين، له مثلاً أموال مستثمرها عند أشخاص، إن كان له مال ظاهر القاضي يحكم بأن يؤخذ من المال شيئاً للإنفاق على الله أنا اليوم سمعت قصة ءآلمتنى جداً قال لي: واحد تزوج فتاة وأنجب منها ولدين وتركها وسافر، وأصبح غائباً ثلاثة سنوات، أبوها أنفق عليها حتى عجز الأب أبو البنت، وأبو الزوج أنفق حتى عجز، فرفعت أمرها إلى القاضي فطلّقها منه، إذاً، إذا إنسان غاب ولم ينفق على زوجته ، القاضي يحق له أن يحكم بالتفريق بينهما.
أحياناً الزوجة تطلب من القاضي التفريق إذا ادعت أن زوجها يوقع بها ضرراً بالغاً لا يستطاع تحمُّله، أخبرني أحد الإخوة وهو من إخواننا الكرام ومن رواد هذا المسجد عن قصة سوف أقولها لكم لأنها تفيدنا وهي مؤثرة: شاب في ريعان الشباب، وعنده معمل وغني، الله الغني بالتعبير العامي، وله مقصف جميل في سهل الزبداني، وفيلا فخمة، أي أناس من أهل اليسار أي الغنى، فخطب الفتاة من أسرةٍ محافظة، وأيضاً هذا تعبير شائع، يبدو أن الأب علمها تعليم جيد، والفتاة صالحة، ودينة، وتحفظ كتاب الله عزَّ وجل، لكن هذا الشاب عقيدته عقيدة تفلت، فبعدما تزوجها زاره رفاقه فقال لها: أحضري لنا القهوة، قالت له: أنا لا أدخل على رفاقك، وكلما طلب منها طلب طبعاً الطلب من خلاف الشرع ترفضه، وإذا طلب منها أن يسهرا معاً في الفندق في عيد رأس السنة، تقول له: أنا لا أذهب معك، هو متفلِّت كثيراً من الدين يريد أن يعيش حياة عصرية ؛ اختلاط ونزهات وحفلات ونوادي، وهي لا تتجاوب معه، فوقع في مشكلة، فهو يريد فتاة تتجاوب معه، وهذه الفتاة تربيتها إسلامية، وترفض كل طلب خلاف الشرع، فالأب اقترح أنه يطلقها مادام خلاف رغبتك طلقها، الأم قالت: لا لماذا تطلقها نحن لنا ترتيب آخر فلا تطلقها، تطلب الفراق هي، تطلب الطلاق أو الفراق من دون أن تأخذ شيئاً فالقصة أن كان متأخرها كبير جداً ويهز الأسرة، فالأم رسمت خطة أنه يؤذيها، يغيب للساعة اثنين كلُّ يوم، كلامه قاسي جداً، يستخدم السباب الجارح، يهينها أمام أهله، يحرمها من كل طلباتها، فبعد شهر أو شهرين طلبت المخالعة وتسامحه بكل شيء، الخطة نجحت، والدته رسمت خطة ونجحت، فبدلاً من أن تضع لها مئتين أو ثلاثمئة ألف متأخر، فهذه الطريقة أريح كلام قاسي، ضرب أحياناً، إهانة، سباب، إذلال فطبعاً بعد أسبوعين ثلاثة أو شهر لم تتحمل يقولوا أنها خرجت من عنده بثيابها فقط، حتى ثيابها الأخرى لم تأخذها، وسامحته من كل شيء وخلعها عن عصمته، وانتهى الأمر، ثم خطب فتاة كما تروق له، بالتعبير العصري ( اسبور) تستقبل رفاقه بغيابه، ممكن أن تدخل معه على الفنادق، ممكن أن تسهر معه، فهذا الشاب كلما وقع بورطة ونفد منها، يقول: والله خلصنا من الورطة مثل ما خلصنا من متأخر فلانة أصبحت فلانة التي تزوجها وضارها إلى أن سامحته بكل شيء، أصبحت هذه القصة عند هذا الشاب قصة للتسلية، فمرة كان له فيلا بمضايا بأعلى السهل ولها إطلالة جميلة جداً، نازل على الشام بسيارته، فأنظر إلى ترتيب ربنا، فركبت زوجته الجديدة بجانبه طبعا ً، وركبت والدته خلفه، وركب والده خلف زوجته بالمقعد الخلفي، والده على اليمين، ووالدته على اليسار، وهو السائق، وزوجته على اليمين، يبدو أنه طائش في سوقه السيارة، كلما دخل بين سيارتين يقول له أباه: يا بني على مهلك، يقول له: نفدنا مثل ما نفدنا من متأخر فلانة، وصل إلى منطقة واجه سيارةً فقصت سيارته نصفين، مات هو وأمه لتوه، قطعوا قطعا قطعاً، والزوجة والأب نفدوا، قال: لأن الأب دائماً يلوم هذا الوضع، يقول لهم: لا يجوز يا جماعة، هذه بنت آدمية أخذتوها أنتم من عائلة محافظة راقية، فهذا سلوك فيه ظلم، فالأب كان دائماَ ينكر تصرف زوجته حماة الفتاة، وهذه الحماية هي التي تختط، فربنا عزَّ وجل قطعهم إربا إرباً الاثنين فالمؤمن لماذا يستقيم على أمر الله ؟ لأنه يؤمن برب كبير، أيام العوام يقولون:
(( الله كبير ))
هذه الكلمة مهما قلتها فلا شيء عليك لأن الله بالفعل كبير:فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ:
((اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ))
وأكثر إنسان الله ينتقم له الضعيف ليس له أحد وظلمته، إنسان ضعيف، أحياناً الإنسان يشهِّر بمؤمن، يكون المؤمن ليس له سند، في أشخاص إذا كان شهرت به فلن تنم في البيت مساءً، أما هناك مؤمن ضعيف ليس له سند مستضعف، وهو يشهِّر فيه، فالله عزَّ وجل ينتقم أشد الانتقام، فعندما يحاول الإنسان أن يوقع الضرر بزوجته من أجل أن تسامحه بما لها عنده، فالله عزَّ وجل ينتقم منه أشد الانتقام، لكن هذه الدعوى لا تسمح إلا في حالتين، إذا كان مع الزوجة بينة، أو اعترف الزوج بذلك، أما إذا لم يكن معها بينة والزوج لم يعترف، تشطب دعواها بالقضاء، طبعاً الإيذاء الذي يجيز للزوجة أن تطالب بالفراق مما لا يحتمل ولا يطاق.بالمناسبة وإن كان كلام سابق لأوانه، إذا أراد الزوج من زوجته عملاً لا يرضي الله أي في علاقته معها، إذا حملها على علاقةٍ محرمةٍ في الشرع، لها الحق أن تطالب بالتفريق بينها وبينه، لكن دائماً القضاء يلجأ إلى تحكيم رجلين من أهله وأهلها، أي من أهل المروءة والشرف والواجهة والرجاحة والحكمة فلعلهما يصلحان ما فسد بينهما.
الآن التطليق لغيبة الزوج، طبعاً في عندنا غياب قصير، وغياب طويل، وغياب معروف، وغياب غير معروف، لو فرضنا واحد غاب لطلب العلم هذا العذر مقبول، أو غاب لممارسة تجارة في بلدٍ آخر عذر مقبول، غاب لكونه موظفاً خارج بلدته عذر مقبول، أو غاب لكونه مجند ملتحق بقطعة خارج بلده عذر مقبول، هذه أعذار مقبولة للزوج، فالزوجة ليس لها الحق أن تطلب التفريق في هذه الغيابات، أما غاب إلى مكان لا تعرفه ولا يوجد سبب ظاهر ولا أعلمها أين هو ؟ فهذا الغياب الذي يجيز للزوجة أن تطالب بالتفريق، العلماء اختلفوا في الفترة التي تكفي، والله في زوجات زوجهم غائب عنهم عشر سنوات، ولم تفكر في التفريق، وفي زوجات لسنة واحدة تطلب التفريق، العلماء قالوا: لها الحق بعد ستة أشهر أو بعد عام، أو بعد ثلاثة أعوام، لكن الإحسان شيء، والعدل شيء:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾
العدل قسري، أما الإحسان طوعي، الأسير طبعاً، الأسير أو المحبوس نفس الشيء.الآن الخلع، وملخص الخلع بسيط، هو أن هذه الزوجة لم تحب هذا الزوج، الزوج يسَّر لها مسكناً شرعياً، وأنفق عليها، وكل شيء تام، إلا أن الزوجة لم تحبه، فلها الحق أن تطالب القاضي أن يخلعها منه، لكن مقابل أن تسامحه بكل شيءٍ كتبه لها أو أعطاه إياها، هذا الذي أخذ من قول النبي:
(( ردي له الحديقة وطلقها تطليقة ))
هذا هو الخلع، الخلع من طرف الزوجة، والتفريق من طرف القاضي، والطلاق من طرف الزوج، طلاقٌ وتفريقٌ وخلعٌ، لكن بالمناسبة يوجد عندنا بالخلع مشكلة، أن أكثر الأزواج يحاول أن يوقع الضرر بزوجته إلى أن تطالبه بالخلع، هذا عدوان، وهذا ظلم يهتز له عرش الرحمن، أما أنت لم تؤذيها، لها ابن عم طمعانة فيه فرضاً وقد وعدها أن يتزوجها، وأهلها زوجوها من هذا الشاب بالضغط، فجلست معه وهي متألمة، فمادام لم ترغب به، قالت له: " يا رسول الله إني أكره الكفر بعد الإيمان "، أي أنا إذا أعيش عند هذا الزوج أكفر، ولن أتحمله قال له: إذاً طلقها، لو تراجعيه، قالت له: أتأمرني ؟ قال: لا، قال إنما أنا شفيع.فمر بالسيرة النبوية مواقف مماثلة، فعلى كلٍ الخلع أحكامه بسيطة، أن الزوجة لسببٍ أو لآخر لم ترض بهذا الزوج، والزوج ليس له ذنب، وهو زوج مقبول، والعقد شرعي والمسكن شرعي، وأنفق عليها، لكنها كرهته، فإذا كرهته فإذا قلنا له: طلقها وأعطيها المتأخر نكون قد ظلمناه، أصبح هناك ظلم للزوج، لكن حينما يطالب الزوج الذي طُولب أن تختلع منه زوجته، أن تعطيه أكثر مما أعطاها قال: هذا منهي عنه في الشرع، صار هذا ابتزاز، كقوله لزوجته: أطلقك لكن أريد مئتين ألف، وكل متأخرها مئة ألف ، أصبح الموضوع فروغ، إذا كان طالب الزوج بأكثر مما دفع للزوجة هذا أصبح ظلماً كبيراً، طبعاً بعض علماء قالوا: يجوز على أساس أن الآية الكريمة:
﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾
إذا كانت ميسورة كثير، " وفراقها البدوي بعباية قال له: بسوق العباءات كله بس يفرقنا، يجوز".لكن العلماء بعضهم يرى أنه لا يجوز للزوج أن يأخذ منها أكثر مما أخذت منه فالأكمل أن يكون في سقف، وسقف المطالبة بما أعطاها لا بأكثر مما أعطاها.
مرة قال لي أخ: جاء شاب ليخطب ابنته، فأخذ، إقرأوا الفاتحة ضع يدك بيد عمك قال له: زوجتك، جايبين واحد كمان، التمثيلية مهيأة ومرتبة، قال لي: رأيت نفسي زوجت ابنتي من أول جلسة، ولم أعرف ما هي القصة قال لي: لم يعجبني هذا كله، قلت له: ماذا تقول لم تعجبك ؟ أصبحت زوجته، أصبح في إيجاب وقبول، انتبهوا أيها الإخوان.
سوف أقول لكم قصة وقعت في الشام، هذه القصة يجب أن يكون الإنسان منتبهاً ويقظ قاعدين أربعة خمسة في محطة وقود بالشام بالأزبكية، بعد العصر يشربون أرجيلة ومرتاحين الجماعة، وهم يتسلون ويتكلموا ويتنادموا، فقال أحدهم لصاحب الكازية: تبيع هذه الكازية ؟ قال له: أبيعها، بكم ؟ قال له: بستمئة ألف، قال له: اشتريت، وانتهت الجلسة ولم يطلع منها شيء، ولا أحد جاد بكلامه، ولا البائع بائع، ولا الشاري شاري، وضحكوا وانبسطوا وراحوا حدثني بهذه القصة محامي وقد مضى عليها اثنا عشر سنة، سمعها محامي فقال له: هذه الكازية لك فقال: كيف لي ؟ قال له: ألم يقل لك بعت، قال له: بلى، قال له: إذاً لك الكازية، أقاموا دعوة، وفي شهود، ألم يقل لك: تشتري ؟ قال له: نعم، ألم تقل له: بعت ؟ قال له: نعم لكن لم يدفع لي ثمن الكازية، فقال له القاضي ثمن الكازية في ذمته وأنت لم تطالبه به.
واحد طلع على قطار قعد، فوجد محله مشغول بمحفظة كبيرة وأمامه شخص قال له: قيمها ؟ قال له: لا أقيمها، طب لماذا لا تقيمها؟ قال له: لا أريد أن أقيمها، تلاسنوا وتعايطوا وتشاددوا اشتكوا، صفر شرطي القطار، وقف القطار لماذا لا تقيمها ؟ قال له: لأنها ليست لي قال له لمن ؟ قال: لهذا، قال له ألا تقيمها ؟ قال: لم يقل لي أن أقيمها، هذه القصة يا إخوان واقعية، كازية أصبح ثمنها إثنا عشر مليون ضاعت عليه بستمئة ألف لأنه قال له: بعت، فانتبه بعت أي بعت، الشرع لا يحتاج إلى ورق، فقط يحتاج الشرع إلى إيجاب وقبول في حالات البيع والزوج، قال لي: دخلوا عليه وقالوا: زوج زوج، حط يدك بيد عمك زوجتك، قال: أنا قبلت وعلى مهر، اقرأوا الفاتحة، أصبحت زوجته فأين تسير ؟!! الآن تطلب المخالعة، مثل ما زوج تطلب الآن الخلع.
فيا إخوان دققوا في موضوع الإيجاب والقبول، ممكن إذا أنت قلت: أنا بعت يروح البيت منك بربع ثمنه، أخي أنا لم أقبض، لا تقبض، دفع الثمن شيء آخر غير البيع، البيع إيجاب وقبول، ودفع الثمن له شيء آخر، فكازية بيعت بستمئة ألف أصبح ثمنها إثنا عشر مليون طبعاً المحامي تمكن أن يحلِّف يمين أتي بشهود، ومادام في إيجاب وقبول وفي شهود انتهى وأصبحت الكازية ملكه، لكنه لم يدفع ثمنها، أنت لم تطالبه، لو طالبني أعطيه لكن هو لم يطالبني فجزاه الله الخير، وموضوع الحياء هذا موضوع ثاني يجوز، ما أخذ بالحياء فهو حرام لكن إذا إنسان قال: بعت يعني باع، زوجت يعني زوَّج، هذا هو الشرع، يجب أن تحطاط قبل أن تقول: نعم أو بعت أو وافقت أو زوجت، أو تزوجت في مسؤولية، فالخلع هكذا.
على كلٍ أرجو الله جلَّ جلاله ألا نحتاج جميعاً لا إلى خلع، ولا إلى تفريق، ولا إلى طلاق، المؤمن حينما اختار زوجته مؤمنةً صالحةً أغلب الظن أنها تعيش معه، أغلب الظن أنها ترعى حقه، أغلب الظن أنها وفيةٌ له، هو حينما كان مؤمناً في بقلبه رحمة، وفي بقلبه إنصاف في بقلبه عطف، يعني القلب القاسي بعيد عن الله عزَّ وجل.
بهذا الدرس الثالث والأخير تنتهي أبحاث الطلاق، أنا الحقيقة ما أردت التفاصيل الفقهية، التفاصيل الفقهية مملة.
وشيء آخر نادرة الحدوث، وفي حالات نادرة جداً لا تقع بالمئة ألف حالة حالة واحدة هذه حينما تقع نسأل عنها، لكن أردت من هذه الدروس الثلاثة، التوجيهات الدينية العامة، أن الإنسان عليه أن يحفظ هذه النعمة التي أكرمه الله بها، يا إخوان الزوجة نعمة، ويا أيتها الأخوات المؤمنات، الزوج أيضاً نعمة، فالتي تسارع وتقول له: طلقني، هذه امرأةٌ لا تروح رائحة الجنة لأنها كفرت هذه النعمة، والزوج الذي يطلق امرأته لأتفه الأسباب هذا كفر بنعمة الزوجة، لأنها نعمة.
أولاً الطلاق من قبل الزوج أو المخالعة من قبل الزوجة عملية إيقاع الأذى بالطرف الآخر، أليس كذلك ؟ وإيقاع الأذى حرام، ثانياً: إتلاف للمال، الإنسان بعد ما تزوج ودفع مهر ودفع هدايا خلال سنتين ثلاثة وتكلف، الطلاق كل هذه المبالغ التي دفعت أصبحت مهدورة فالطلاق إيقاع أذى وإهدار للمال، والأهم من هذا وذاك كفرٌ بنعمة الزوجة، والمخالعة أيضا أيضاً إيقاع الأذى بالزوج، قبل أن تقولي: وافقت، الأمر ادرسيه، أما بعد ما وافقتي والرجل هيأ نفسه وجهز البيت واشترى وتكلف وينتظر هذه الساعة بفارغ الصبر، تقول: لا أريدك ولا أحبك، طلقني وأنت مسامح بكل شيء، فالسرعة بتطليق الزوجة كفرٌ بنعمة الزوجة، والسرعة بمخالعة الزوج أيضاً كفرٌ بنعمة الزوج، فإذا الله واحد أكرمه بزوجة تحصنه، وترعى حقوقه وتعرف قيمته، هذه ليحافظ عليها، النقطة الدقيقة أنه ما في إنسانة كاملة، ولا يوجد زوج كامل:
(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ))
لكن بعض الأذكياء فسروا هذا الحديث تفسير رائع، قال: الضلع هذا لو كان مستقيم كان يطلع من البطن من الأمام، يصبح مثل الشوكة، أما جماله أنه معوج، ماشي مع البطن الآن عظام الصدر كلها معوجة، ولولا أنها معوجة لما احتملتها أساساً، سر نجاح الأضلاع أنها كلها معوجة، فالاعوجاج كمالٌ فيها، الاعوجاج كمالٌ في الضلع، لو كان غير معوج لا يرضيك إذا واحد يريد امرأة لها عقلٌ راجح لكن مقصرة في حقه، فهل يهمك أن تسمع منها محاضرة بالفلسفة ولا يوجد طبخ مثلاً، ماذا تريد من هذه المحاضرة، الله عزَّ وجل أعطاها إمكانيات خدمة البيت، والعناية بالأولاد، لو هي لها عقل راجح مثل عقل الرجل، لا تقبل أن تصبح زوجة لك من الأصل، لكن هي عندها عاطفة راجحة، هي ترجح عليه في عاطفتها وفي أحاسيسها، ويرجح عليها في إدراكه.يذكر أن كان هناك ملك شديد الذكاء، قام بجولة ليتفقد رعيته، فدخل إلى بستان فرأى حصان معصوب العينين، فلم يفهم لماذا، وكان بعنقه جلجل أي جرس، وكان الحصان يدور ليخرج الماء من بئر، وهذه معروفة، فهذا الملك فكر فقال لصاحب الحصان: لماذا عصبت عينيه ؟ قال له: لئلا يصاب بالدوار، إذاً لماذا وضعت هذا الجلجل في رأسه ؟ قال له: حتى إذا وقف أعرف ذلك، الملك وقف متمئلاً وقال له: فإذا وقف وهز رأسه ؟ فأجابه الفلاح إجابة ذكية جداً: وهل له عقلٌ كعقلك ؟.
أحياناً تنشأ المشكلة بالبيت، تريد أن يكون عقل زوجتك كعقلك، لا هي ليس عقلها كعقلك، فهذه لها عالم آخر، وطالما تريد أن يكون تفكيرها كتفكيرك فلن تنجح معها، فالله قد جهزها تجهيز آخر، تجهيز انفعالي، تجهيز عاطفي، تجهيز رقيق، وأنت أعطاك رجاحة عقل وأعطاك قلب متماسك، وأعطاك نظرة بعيدة، فانظر لما ربنا قال:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)﴾
فما علاقة الذكر والأنثى بالليل إذا تجلى، قال: كيف أن الليل للسكن، لا ترتاح إلا بالليل، لماذا الله جعله سكن ؟ وجعلنا النوم لباسا، وكيف النهار لكسب المال، فكيف أن النهار والليل متناقضان لكنهما متكاملان ؟ وقد تجد الرجل له خصائص تختلف عن المرأة، والدليل قال تعالى:﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾
فقد درسنا في الجامعة كتاب لأشهر عالم نفس طفولة اسمه " بياجيه" هذا الكتاب يدرَّس في معظم جامعات العالم، والكتاب ثمنمائة صفحة ملخصه في هذه الآية: وليس الذكر كالأنثى.القدرات الخاصة عند الأناث، والقدرات الخاصة عند الذكور، الذاكرة، والمحاكمة والقدرة الرياضية، والقدرة اللغوية، والقدرة التنظيمية، والقدرة الإدارية، كلّها عبارة عن إحصاءات دقيقة جداً تنتهي بملخص، أن الذكر ليس كالأنثى، إذاً يجب أن نعلم أن الزوجة لها خصائص، كما أن الليل للسكن، والنهار لكسب المال، كذلك الزوجة والزوج لو اختلفا في الصفات لكنهما متكاملان كالليل والنهار.
والحمد لله رب العالمين