الرئيسية » » الدرس الثلاثون – ختام المجالس

الدرس الثلاثون – ختام المجالس



الحمد لله في الأولى والآخرة، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله كما يليق بفضله وإحسانه، الحمد لله على جوده وامتنانه، وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم الصادق السابق وعلى آله وصحبه ومن سلك نهجه إلى يوم الدين..
هذا المجلس هو خاتمة مجالسنا المباركة التي كنا نتجالس فيها تعرضاً لنفحة الله ..
أيها المريد.. قبل أن نراجع مراجعة سريعة للمجالس الماضية، دعونا نستكمل الحديث عن صلة التلميذ بالأستاذ؛ المريد بالشيخ لأننا من بعد هذه المجالس سيحتاج كل واحد منا إلى مواصلة شأن سيره إلى الله عزوجل..* استمع للحلقة الثلاثون وأنت تتصفح :

مرَّ معنا في المجلس الماضي أن للشيخ صفات ومَرّ ذكرها [المرشد الناصح، المستقيم الصالح، العارف بالشريعة، السالك للطريقة، الذائق للحقيقة، الحكيم المتبصّر؛ الذي يُحسن سياسة النفوس وتهذيب الطِباع؛ كامل العقل]، مَرّ معنا أن المريد بحاجة إلى طلب الشيخ.. البحث عنه بصدق وإخلاص، الأصل أن الصادق في البحث عن الشيخ لا بد وأن يجمعه الله على الشيخ الذي يرشده، لهذا قال المربون: “عند التناصف ما ذهب إلاً الصدق ولو صدق المُريد لوجد الشيخ على باب بيته”، فإن وجد الإنسان من اجتمعت فيه هذه الصفات؛ إرث النبوة الكامل باستثناء الوحي والعصمة وخصوصية النبوة ..

الشيخ المربي

- ماذا يلزم من وجد الشيخ المربي؟

أولاتصحيح النية، في الصلة بهذا الشيخ الأستاذ؛ أفهم ماذا أريد منه، أنا لا أبحث عن صنم عن كهنوت، أنا أبحث عن دالٍ يدلني على الله عزوجل، أيضاً أنا لا أبحث عن مظهر وصورة أتباهى بها أمام الناس، أبحث عمن يعينني على التربية والسير إلى الله عمن يبصرني بعيوبي وكيف أتخلص منها، وعمن يُبصرني بالصالحات من الأعمال والحسن من الصفات ويعينني على الأخذ بها، فبحثي عن الشيخ بحث عن سيري إلى الله..
ثانيا : نراعي الأدب مع الشيخ، مَرّ معنا في المجلس الماضي كيف كان الصحابة يتأدبون مع المصطفى وكيف كان التابعون يتأدبون مع الصحابة وكيف كان تابع التابعين يتأدبون مع التابعين، وكيف كان الشافعي تذكرون يصفح الورق صفحاً رقيقاً حتى لا يُحدث صوتاً في حضرة مالك، هذه الآداب.. الأدب مع الشيخ مع الأستاذ هو جزء من تهذيب النفس أولاً ومن الإعتراف بالفضل لأهله ثانياً، أيضاً فائدة هذا الأدب أنه يعينك على أن تتقوى على نفسك لأن النفس من طبيعتها التمرد لا تحب أن يوجد من يوجهها إلى عمل الشيء ولهذا تريد أن ترفض بأي طريقة، فلهذا سَوْقها بالأدب تهذيب النفس ومَرّ اعاة الأدب مع من نأخذ عنه العلم مع من نتربى على يده له الأثر الكبير في تهيئة النفس لأن تواصل لأن تأخذ لأن تستفيد، أيضاً مع تصحيح النية ومع الأدب.
ثالثا : صدق المحبة، ووجه هذه المحبة، لماذا أحب الشيخ محبة كبيرة شديدة عظيمة؟ لأنه يدلني على الله فمحبتي له هي محبة في الله، من باب حبي لوصولي إلى الله وصلتي بالله أحب هذا الإنسان الذي يعينني على ذلك بإرشاده وتوجيهه.
رابعا : أن أدرك أن صلتي بهذا الإنسان صلة روح، ليست مجرد صلة جسد؛ ليست مجرد استماع أذن لكلام وأنصرف.. هي صلة روحية، مفاد هذه الصلة أن الشيخ هذا له صلة بشيخ قبله، والشيخ الذي قبله له صلة بشيخ قبله وهكذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو نور ممتد من زمان إلى زمان إلى زمان إلى زماننا، مراعاة هذه الآداب مع أدب أساسي ..
خامسا : الصدق، أن أكون صادقاً معه فيما يسألني عنه فيما أخاطبه فيه فيما أخبره به فيما أستدل به على الله عزوجل من دلالته، فإن أمثال هذه الصفات مع الجد والاجتهاد في الطاعة في غير معصية الله؛ أطيع شيخي في تربية نفسي في الأمور المتعلقة بسياسة النفس في كل ما يأمرني به في غير معصية الله عز وجل فـ”لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” أبداً، مراعاة أمثال هذه الأمور تعين على تنور القلب .
نشأ لدينا تطرفين في التعامل مع مسألة الشيخ :
الأول : تطرف فهم من هذا الكلام معنى التسليم الكلي ولو في معصية الله، وهذا لا يتأتى لأحد من البشر، هنا يأتي المحظور .
الثاني : طرف آخر فهم فهماً آخراً عكسياً جاء إلى حد التمرد عدم مراعاة الأدب، شهدنا اليوم من التلاميذ من يرفع الصوت على المدرسين انظروا إلى مدارسنا اليوم، من ينكت على المدرس من يرمي بالطباشير على رأس المدرس فيلتفت المدرس فيضحك الجميع، وإذا تكلم أحد يقولون لا هذا يعطي العقل انطلاق .. لا تغلقوا العقول .. إلغاء للفكر .. كيف يعني يكون مطيع للشيخ متأدب معه؟ ما رأينا خيراً من أمثال هذه الكلمات، وقد ينتقد البعض لجهل سمعنا بعض من جهل الأمر يقول: هذا من الكهنوت كيف يعني يتأدب مع الشيخ ويطيعه في غير معصية الله؟ يعني من باب المدح والله أقول جهل ليس من باب الذم لأني لو أردت أن أصفه بصفة أخرى ستكون أشد من صفة جهل، ولكن نقول (الإنسان عدو ما يجهل) .
مشكلة الإدعاء في مسألة الدلالة على الله وتعريف الناس بطريق الله :
كثر الأدعياء الذين ليسوا بصادقين ليسوا بأهل للطريق أخذوا صورة في الدلالة على الله ولم يأخذوا حقيقتها، والسبب في انبهار الناس أو أن الناس ينغشون بأمثال هؤلاء الأدعياء أن البعض مفهوم المشيخة عنده غير واضح، مفهوم المشيخة عنده الرجل الذي يُجري الكرامات التي تحصل على يديه خوارق العادات، كلنا يؤمن بالكرامات والخوارق العادات وأهل السنة والجماعة يعتبرون إنكار الكرامة فسقاً.. خللاً.. بدعة في عقيدة الذي ينكر الكرامة، هذه ثابتة عند أهل السنة والجماعة بنص القرآن والسنة، قصة مريم (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً)، قصة جُريجر الراهب الذي اتـُهم بالباطل فخاطب الطفل الصغير فأنطق الله له الرضيع، الكرامة ثابتة، الصحابة كثرت عندهم الكرامات فكلنا نؤمن بها، لكنها ليست هي المقياس لمعرفة الصالح فحسب، الأساس في تمييز الصالح والدال على الله الإستقامة ولهذا قالوا: “الإستقامة أعظم كرامة“، قال الإمام الجنيد: “لو رأيتم الرجل يطير في السماء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تقيسوه على الأمر والنهي -أي أمر الله ونهيه- فإن رأيتموه ممتثلاً لأمر الله منتهياً عما نهى عنه الله فهو ولي صديق وإلا فهو دَعيٌّ زنديق“، يمكن أن تـُخرَق العادة بسحر يمكن أن تـُخرَق العادة بجن يمكن أن تـُخرَق العادة بصورة فهلوة ليس حقيقية، لكن خـَرق العادة إذا صحت بالإستقامة نعم نعتبرها كرامة، لكن مقام الشيخ الذي يَدل على الله ويرشد لا يُقاس بكثرة الكرامات التي تـُجرى على يديه، يقول الإمام الجنيد: “مشى أقوامٌ باليقين على الماء، وماتَ أقوامٌ أعظمُ منهم يقيناً من شدةِ الظمأ“، فالمقياس هنا عُمق السير والإستقامة على مرضاة الله، الأكمل في متابعة سُنـّة الحبيب صلى الله عليه وسلم في التـَخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، الأعمق نظراً في مقاصد الشريعة، من كانت هذه صفاته لا شك نحن بحاجة لأن نأخذ عنه..

- ماذا يلزم من لم يجد الشيخ المربي ؟

ما وجدت هذا الشيخ ماذا تعمل؟ الحق عزوجل لا يَرُد صادق في الإقبال عليه، الصدق سيجمعك على الشيخ لكن إلى أن تجتمع عليه :
1. ألحّ على الله في الدعاء
2. واظب على وردك من كتاب الله
3. اقرأ في سُنـّة الحبيب صلى الله عليه وسلم
4. اقرأ في كتب القوم التي تدل على السير إلى الله
الكلام الذي كان يُنثر في هذه المجالس إنما هو نـُبـَذ من كلام القوم المعتنين بالتربية والسلوك، حُجة الإسلام الإمام الغزّالي الذي ألـّف إحياء علوم الدين في هذا الصرح المبارك في خلوته الموجودة هنا في هذا الجامع عندما عكف عشر سنين على تصنيفه، احرص على الإستفادة منه..
- تنبيه: أما مسألة من يتكلم عن تخريج الأحاديث في الإحياء، استـُدرك على تخريج الحافظ العراقي رحمه الله تعالى استدرك عليه الحافظ السبكي والحافظ الزبيدي في شرحه للإحياء وغالب الأحاديث الموجودة لها شواهدها الصحيحة من الكتاب والسُنـّة والكتاب كتاب تربية، كتب الإمام الغزّالي لها أثر كبير في تهذيب النفوس..
كتب الإمام الحداد الذي أخذنا من كتابه آداب سلوك المريد هذه المجالس وله كتب مفيدة في هذا الباب، كتب الإمام ابن عطاء الله السكندري كالحكم العطائية وشروحها، أيضاً بالإضافة إلى كتب القوم، سِـيَر الصالحين، تراجم الأنبياء، قصص الأنبياء (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) جَعَلَ الله تثبيت فؤاد سيدنا محمد بقصص الأنبياء .. كيف بنا نحن؟ أيضا سِـيَر الصحابة رضي الله عنهم سِـيَر الصالحين من التابعين ومن بعدهم سِـيَر آل البيت عليهم السلام، القراءة في سير الصالحين تحرك القلب ..
5. أكثِر من الصلاة على سيدنا محمد..
فقد قال العلماء: [الصلاة على النبي شيخُ مَن لاشيخ له]، كيف؟ قال نحن موعودون: “من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه بها عشرة” صحيح؟ والصلاة من الله قال الله فيها (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) فصلاة الله علينا إخراج من الظلمات إلى النور، فكلما أكثرت من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما خرجت من الظلمات إلى النور، والصادق في الإلحاح على الله لابد أن يدله الله عز وجل على مسلك الوصول إليه، هذا ما يسره الله سبحانه وتعالى في هذه المجالس من حديث..

استذكار المجالس

تتذكرون في بداية المجالس كان الحديث عن تصحيح الإرادة نسأل الله أن نكون قد صححنا مرادنا لا يكون فينا من لا يزال يريد الدنيا، جاء الكلام عن إرادة الآخرة والسعي لها، مَرّ معنا أن أول الأمر في السير إلى الله هو الباعث ما يبعث الله تعالى به قلب السائر إليه، هِمّة السير إلى الله ما يقذفه الله في القلب، ولعلكم طلبتم الباعث فنلتموه نسأل الله ذلك، ولعلنا بعد نيله حرصنا على تقويته والحفاظ عليه وعلى إجابته، مَرّ معنا بعد ذلك الكلام في أن أول خطوة في مقامات السائرين إلى اللهالتوبة وتصحيح هذه التوبة وكيف نسلك مسالك التائبين، ثم مَرّ معنا بعد ذلك الحرص على حفظ القلب في أول السير إلى الله في الإلتفات إلى القلب، وأن القلب له منافذ حسية ومنافذ معنوية تتذكرون الكلام عن السمع والبصر واللسان والنطق واللقمة وما تؤثر به، هذه كلها كان الحديث عنها، كما مَرّ معنا في الليالي المباركة التي انقضت في هذا المكان المبارك الحديث عن حفظ القلب من الخواطر خواطر الشر، تتذكرون كيف كنا نتحدث عن تفريقنا بين خاطر الشر وخاطر الخير ميزان الشريعة والإبتداء ومخالفة النفس، كيف نـُميز بين خاطر الخير الذي يأتي من الله إلهاماً، وخاطر الخير الذي يأتي لمة من الملك، وكيف نـُميز بيت خاطر الشر الذي يأتي من الشيطان حتى نفقه كيف ندفعه بالذكر والإستعاذة، خاطر الشر الذي يأتي من النفس الأمارة بالسوء وكيف ندفعه بترويض النفس (نقلل العلف ونكثر العمل)، تتذكرون الخوف من خاطر الاستدراج خاطر الشر الذي يأتي استدراجاً عقوبة من الله وعلاجه سرعة التوبة إلى الله، تتذكرون الحديث الذي مَرّ معنا عنمداخل الشيطان السبعة وكيف نسدها بالإلتجاء إلى الله والذكر، ثم بعد ذلك تتذكرون الحديث عن الالتفات إلى القلب بعد حمايته بإحكام المداخل مداخل الخواطر.. مداخل الجوارح.. أن نلتفت إلى القلب لنحرص على التخلص من أمراض القلوب من معاصي قلوبنا وكان أشدها الكِبَر والحَسَد والرياء وما يتفرع عنها ومَرّ الحديث عن معالجتها..
كما مَرّ معنا الحديث أنـّا مع تطهيرنا لقلوبنا ينبغي أن نحرص أيضاً على طهارة ظاهرنا من النجاسات والقاذورات، الحفاظ على الوضوء كلما أحدثنا، الذكر لله سبحانه وتعالى بعد الوضوء، صلاة سنة الوضوء، تتذكرون الحديث عن تطهير ظاهرناالحديث عن ضبط أوقاتنا كيف تسير وأن المريد السائر إلى الله أغلى ما يملك أنفاسه [نفس المريد جوهرة لا قيمة لها] أي لا تـُقدّر بقيمة، تتذكرون أنـّا إذا أردنا أن نضبط أوقاتنا كان الحديث أن الحاجة إلى أن نجعل محاور للوقت تنضبط عليها الأوقات وأن محور أوقاتنا هي الفرائض، كيف يكون الحضور مع الله في الصلاة كيف نجيب المؤذن، ثم جاء الحديث عن حاجتنا إلى أن يكون لكل منا رواتب مع الصلوات القبلية والبعدية أيضا صلاة الوتر صلاة الضحى نحافظ عليها نستمر على ذلك، تتذكرون الحديث عن الورد من قراءة القرآن العظيم من الأذكار الواردة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله سلم، نحافظ على الأوراد، ذكرنا لكم ورداً استـُنبط من السُنـّة الورد اللطيف للإمام الحداد، ذكرنا أيضاً في مجالسنا عنحضور القلب مع الله سبحانه وتعالى، ثم تحدثنا عن عددٍ من الأمور التي تلحق ذلك من النظر إلى صلتنا بالخلق من النظر إلى مسألة الرزق والتعامل معها، تحدثنا عن شؤون وشجون تتعلق بسيرنا إلى الباري سبحانه وتعالى، حتى توصلنا بعد ذلك إلى حُسن النظر في معاملتنا للخلق وعدم أخذ الخلق لقلوبنا لتغيبها عن الله سبحانه وتعالى، علمنا أقسام التعامل مع الناس ذكرنا أن هناك من الناس من لابد من حُسن المعاملة معه.. لم نختر أن تكون لنا صلة به، وأن هناك من الناس من كانت لنا نسبة من الإختيار، ومن الناس من اخترنا صحبتهم وكيف نتعامل مع هؤلاء جميعاً..
في هذا المجلس الآن توصلنا إلى خاتمة هذه الليالي المباركة في هذا الجامع المبارك الجامع الأموي الكبير جامع دمشق الذي عبق بأنفاس ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم، في هذه الأماكن جلس عبد الله بن مسعود درس، وهنا جلس بلال بن رباح وهنا درّس التابعون الذين أخذوا عنهم، هنا مَرّ سلطان العلماء العِز بن عبد السلام ودرس، وهنا درس الإمام الغزّالي واختلى وألـّف إحياء علوم الدين، هنا جلس صدور المحدثين والفقهاء والأصوليون والمربون هنا شهدت هذه الجدران وجوهاً باتت في دُجى الليل تقوم لله مُناجية مُصلية مُخاطبة له سبحانه وتعالى، وأنتم الجيل الذي ورث هذه المواطن الشريفة وفي كل بلدٍ من بلاد الإسلام توجد أماكن مثل هذه في غير بلاد المسلمين نور الروحانية للمُقبل على الله أكبر وأكبر فـ”ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين” وذاكر الله في الغافلين كالحي بين الميتين ..

كلمة شكر

في خاتمة هذه المجالس نسأل الله عزوجل أن يبارك في جميع من حضر ومن استمع وأن يجزي عنا خير الجزاء الإخوان الذين قاموا على الإنتاج والإخراج أخونا المخرج محمد والشباب الذين عملوا معهم، الأستاذ عمار.. الدكتور محمد يحيى.. وإخواننا الذين سعوا في ترتيب مثل هذا الأمر.. أخونا أشرف وبقية الاخوان، نسأل الله أن يبارك في هذا البلد .. الشام .. بلاد الخير والنور بلاد البركة التي دعا لها الحبيب صلى الله عليه وسلم البلاد التي آوى إليها عمود القرآن عمود الدين، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أرض الرباط، البلد التي كلما تكررنا عليها وترددنا عليها شهدنا عجائب من صدق قوله صلى الله عليه وسلم وبشارته، وهنا أنا أخاطب من هم يسمعون ويرون من وراء آلات التصوير من وراء الشاشات البلد التي يظلمها الكثير في الحديث عنها نسمع كلاماً كثيراً عن هذه البلد متعلق بالتعامل مع أهل الدين وأهل العلم، جئنا وجدنا المجالس معمورة دروس المشايخ تملأ المساجد حلقات القرآن والحمد لله تملأ المساجد معاهد تعليم الشريعة تملأ المساجد تملأ البلاد أيضاً، هذه البلاد التي لا تزال فيها البركة، أسأل الله أن يبارك بكل من ساهم في الخير وفي كل من أعان عليه أسأل الله أن يبارك في إخواننا في وزارة الأوقاف الذين هيئوا لنا السبيل لتسجيل مثل هذه الحلقات، أسأل الله أن يبارك في ولي أمر هذا البلد ورئيسها وأن يوفقه لما يحب ويرضاه وأن يلهمه من الأعمال ما ينفعه ساعة الوقوف بين يديه وما يعين شعبه على ما هم عليه وأن يهيئ له البطانة الصالحة وسائر من ولاهم الله أمور المسلمين، إخواني البعض يتضايق وقليلا يتحرج من مسألة الدعاء لولاة الأمر، الفـُضيل بن عياض كان يقول [لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها لولي الأمر]، هذا أمر يجب أن نفقهه ونعيشه، نسأل الله أن يوفق أولياء أمور المسلمين للعمل على طاعته على تطبيق كتابه وسُنـّة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يجمع بين قلوبهم في الخير على الخير وأن يبصرهم بما أقامهم الله من ثقل هذه الأمانة وأن يعينهم على ثقلها وحُسن أداءها، أسأل الله أن يبارك في علماء هذا البلد رأيت منهم من الأدب من التواضع، كلكم رأى شيخنا الكبير الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي بتواضعه وجلالة قدره كيف جاء إلى هذا المجلس، كلكم رأى الحفاوة التي نراها من مشايخنا وكبار علماء الشام الذين أحدهم لا يستحق أن يكون الفقير تلميذاً لتلميذ تلميذهم رضي الله عنهم وبارك للمسلمين فيهم وفي سائر علماء المسلمين، توجهوا إلى الله في أن يبارك في علمائنا أن يمد في أعمارهم أن يعينهم على ما أقامهم عليه أن يجمع بين قلوبهم ويوحد صفوفهم، نسأل الله البركة للكبير والصغير في هذا البلد وسائر بلاد المسلمين ..

ننصرف من ختام مجالس أيها المريد

تعالوا بنا في خاتمة هذا المجلس نوجه قلوبنا إلى الله، لكن نريد ننصرف قبل الدعاء بأربع تذكيرات سريعة :
1. الحب : أعظم ما يُعطي الله للقلوب نعمة الحب، اعتنوا بالمحبة أحبوا بعضكم البعض هذا من حب الله وحب رسوله، أحبوا أوطانكم وبلدانكم، أحبوا إخوانكم، أحبوا جيرانكم، أحبوا أصحابكم أحبوا مخالفيكم، وأحبوا لهم الخير، انشروا المحبة فإن المحبة أساس في السير إلى الله .
2. على التناصح فيما بيننا البين..
3. دوام الإلحاح على الله ودوام الدعاء والوقوف ببابه ..
4. تذكروا إخوانكم من المسلمين.. في مشارق الأرض ومغاربها في دعواتكم في توجهاتكم في هذه الليالي الشريفة المباركة.. لكم إخوان في فلسطين يعانون أسأل الله أن يفرج عنهم، في العراق في أفغانستان وفي الصومال وفي البلقان وكم سأعدد وجهة القلوب إلى الله عزوجل عليها المدار والمعوّل، اللهم ارزقنا الصدق يا كريم ..

مسك الختام – الدعاء

الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، اللهم إنا نسالك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك وإمائك نواصينا بيدك ماضٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نتوجه إليك في ساعتنا هذه بقلوبنا وألسنتنا وأسماعنا راجين فضلك وإحسانك وجودك وامتنانك، اللهم إنا نسألك أن تقبل هذه المجالس عندك، اللهم اقبل هذه المجالس من المتكلم والسامع والساعي والخادم، اللهم واقبل من الجميع ماوفقتهم إليه، اللهم إن الأعمال مهما كانت إن لم تخلص إلى ساحة القبول فهي هباء منثور، اللهم تقبل منا هذه المجالس واجعل لها قبولاً في السماء ونفعاً في الأرض، اللهم بارك في إخواننا الذين حضروها وترددوا عليها واستمعوا إليها، اللهم اجعلها حجة لنا ولا تجعلها حجة علينا، اللهم اجعلها خالصة لوجهك الكريم، اللهم وما شابها من شائبة رياء أو سمعة أو عجب أو إلتفات إلى الخلق أو نقص أو خطأ أو تقصير أو نسيان فنسألك اللهم أن تعود عليه بعوائد فضلك وإحسانك وجودك وامتنانك، نسألك اللهم أن تنظر إلى هذه المجالس نظرة رضى من حضرتك فإنك إن رضيت عن أمر باركت فيه ووفقت أهله إلى ما تحبه وترضاه، اللهم ارزقنا الإخلاص بالمعاملة..
اللهم ارزقنا اليقين.. اللهم حققنا بحقائق اليقين علمه وعينه وحقه، اللهم إن ذنوبنا كثيرة وأمراض قلوبنا خطيرة وليس لنا رب غيرك نتوجه إليه وليس لنا إله سواك نلجأ إليه، نلجأ إليك وإلى فضلك وإلى إحسانك وإلى جودك وإلى امتنانك أن تنظر إلى قلوبنا نظرة الرضى، اللهم طهر قلوبنا اللهم أصلح قلوبنا اللهم نور قلوبنا اللهم عافي قلوبنا اللهم إن قلوبنا مريضة فاشفها، إلهنا وسيدنا ليس لنا رب غيرك ولا إله سواك فنلجأ إليه، ها نحن الآن بين يديك وحالنا لا يخفى عليك أمرتنا فتركنا ونهيتنا فأتينا وارتكبنا، وعزتك وجلالك ما فعلنا ذلك ولا تركنا ما تركنا استخفافاً بأمرك ولا استهزاءً بأدب نهيك.. كيف وأنت ربنا وإلهنا وسيدنا وخالقنا غير أن أنفسنا الأمارة بالسوء، وها نحن الآن بين يديك ملتجئين إليك راجين فضلك وإحسانك، اللهم تب علينا توبة نصوحا طهرنا بها جسما وقلباً وروحا، اللهم من صحّت نيته في هذه المجالس فاقبل منه ذلك ومن لم تهب للمسيء منا للمحُسن يا كريم، إلهنا وسيدنا إن الأمور بخواتيمها وها نحن في خواتيم هذه المجالس فاجعلها خاتمة رشد يا كريم.
اللهم وإذا حانت ساعة الإنتقال ونادانا مناد الرحيل والزوال فنسألك اللهم أن تحين هذه الساعة علينا وقد أصلحت قلوبنا وقد رزقتنا حسن الإقبال عليك وقد رقيتنا في مراتب المعرفة بك حتي لا تأتي هذه الساعة إلا وقد أشرق على جنبات قلوبنا من أنوار الشوق إليك وصدق محبتك ما نتهيأ به لرضوانك الأكبر ونأمن به مما نخاف ونحذر، اللهم فإذا حانت الساعة فخفف عنا سكرات الموت اللهم خفف عنا سكرات الموت واجعل ملك الموت بقبض أرواحنا شفيقاً رحيما، اللهم وإذا استـُلت الروح عن الجسد فعلى لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإذا أوينا إلى القبور فارحم غربتنا ووحشتنا وذلتنا، وثبتنا عند السؤال واجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، واجعل بيننا وبين غضبك وسخطك وقاية من رحمتك وجُنة، اللهم وإذا جاء يوم الحشر والنشر، ونفخ النافخ في الصور مرة ثانية فجٌمعنا وجميع الخلائق فتحت ظل عرشك، اللهم تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظله، اللهم وعلى حوض نبيك فاجمعنا أجمعين واسقنا من حوضه صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
* مشاهدة وتحميل الحلقة الثلاثون – فيديو - من هنا
* تحميل الحلقة الثلاثون – صوت - من هنا
* المزيد من الدروس عبر الرابط من هنا

Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger