الرئيسية » » الدرس الثالث عشر – طهارة الظاهر 2

الدرس الثالث عشر – طهارة الظاهر 2


الحمد لله حمدا ننال به رضوانه الأكبر، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
لايزال الحديث عن الطهارة، ولعل من حضر المجلس الماضي قد عقد العزم ونفذ بأن يحرص على دوام طهارته وكل ما أحدث توضأ وصلى ركعتين أو سبـّح حتى يبقى على دوام الطهارة، ولعلنا راجعنا أنفسنا، هل راجعت نفسك قبل أن تلبس الثوب الحَسن؟ ما نيتك من لباسك هذا الثوب؟ وهل قررت أن لا تكون مملوكاً للمظهر بل مالكاً له، مع إحسانك للمظهر، بل أنت والمظهر مملوكين لله سبحانه وتعالى.
الحديث عن الحفاظ على الطهارة يبنبي عليه حديث عن ما يعين على دوام الطهارة، طاهرة المعنى والحس في ظاهر الإنسان، كان علماء التربية يقولون:
* استمع للحلقة الثالثة عشر وأنت تتصفح :
أن الذي يكثر الطعام لا بد وأن يكثر من الحاجة إلى قضاء الحاجة، وبالتالي يتردد كثيراً على بيت قضاء الحاجة وبالتالي يثقـُل عليه أن يدوم على الطهارة، كذلك كانوا يقولون: من كثر طعامه كثر نومه، ومن كثر نومه كثر كلامه، ومن كثر طعامه ونومه وكلامه لم يبقى له من الإرادة والسلوك إلا الصورة، الأصل في حق السائر الى الله سبحانه وتعالى أنه يأكل على قدر الحاجة وينام على قدر الحاجة ويتكلم على قدر الحاجة، هذا ملحظ، قبل أن نـُبحرَ في هذا الملحظ لأنه سيترتب عليه عمل، أود أن أعود قليلاً إلى مسألة المظهر..

طهارة الظاهر وارتباطها بطهارة الباطن

* قصة: يذكرون عن سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب سبط الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، “الحـَسنُ والحُسين سيدا شـَبابِ أهلِ الجـَنة” حديثٌ عن المصطفى، سيدنا الحسن قال عنه النبي : “إن إبني هذا سيدٌ ولعل الله أن يُصلِـحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلِمِين” كان سيدنا الحَسن قد اشتهر أنه يلبس أحسن ما يوجد، فشق ذلك على بعض المتزهدين في عصره وعاتبه في ذلك: أنت ابن بنت رسول الله، أنت قدوة للناس، فمال حال لباسك هذا؟ فقال (إن لباسي هذا يقول للناس إني غني عما في أيديكم، ولباسُك يقول للناس إني محتاجٌ إلى مافي أيديكم) هذا مشهد وهذا معنى في الفهم..
* قصة : الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين وهو إمام أهل البيت أيضاً في عصره، وبالمناسبة.. أئمة أهل البيت هم أئمة المسلمين، هم أئمة أهل السنة والشيعة جميعاً، بعض شبابنا يظن أن ذكر أئمة أهل البيت خاص بطائفة دون طائفة، أئمة أهل السنة هم تلاميذ أئمة أهل البيت، الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان تلميذ جعفر الصادق وتلميذ زيد بن علي بن الحسين، كان يقول لولا السنتان لهلك النعمان، لولا السنتين التين درست فيهما على جعفر الصادق لهلكت..
سيدنا جعفر الصادق عليه السلام عتب عليه بعض أقرانه أن ثوبه الخارجي على هيئة حسنة، ولأن الذي عتب عليه كان من إخوانه المقربين إليه فأراد أن ينهي المشكلة التي في صدره، قال ناولني يدك، فناوله إياها فأدخلها إلى الثوب الداخلي (الشعار الذي يلي البدن، العرب تسمي ما يلبس في الداخل شعاراً وما يلبس في الخارج دثاراً)، فأدخل يده إلى شعاره فوجده من الصوف الذي لا يلبسه إلا فقراء الفقراء، أكثر الناس فقراً، قال أما هذا فلنفسي تهذيباً وأما هذا فاستغناءً عن الناس وما هم عليه.
هاتان القصتان تؤكدان معنى كنا نتحدث عنه في المجلس الماضي، أنه لا ينبغي أن تـُبنى الأمور على الهيئات والمظاهر..
* قصة أويس: في المقابل، سيدنا أويس تذكرونه؟ كنا ذكرناه قبل مجالس، لما قلنا لما نبحه الكلب وهو يجمع الطعام من المزبلة ليتصدق به على الجائعين ويقول (اللهم لا تؤاخذني على من بات جائعاً من أمة سيدنا محمد)، عندما نبحه الكلب قال: (يا كلب لا تؤذيني ولا أؤذيك آكل مما يليني وتأكل مما يليك فإن أنا اجتزت الصراط ودخلت الجنة فأنا خيرٌ منك وإن أنا سقطت من على الصراط وهويت إلى الناس فأنت خيرٌ مني)، سيدنا أويس كانت هيئتهُ رثـة، إذا نـُظر إليه لا يبالى به، حتى أن سيدنا عمر ابن الخطاب لما أراد أن يقابله، سيدنا عمر ابن الخطاب طلب بنفسه أن يقابل سيدنا أويس لأنه سمع من النبي ثناءٌ عليه (أويس وما أدراك ما أويس، رجل مجهولٌ في الأرضِ معروفٌ في السماء، كان به برصٌ فسأل الله فأبرءه منه إلا موضع درهم تحت منكبهِ سأل الله أن يُبقيهُ حتى يـَذكر نعمة الله عليه إذا نظر إليه، حبس نفسه على شويهات (غـَنـَم) لأمهِ يرعاها براً بإمه) وصفه النبي ثم قال لسيدنا عمر وسيدنا علي (يا عمر ويا علي إن أنتما رئيتماه فاسألاه أن يستغفر لكما يغفر الله لكما)، الله أكبر، الذي عليه جمهور أهل السنة أن سيدنا عمر وسيدنا علي أفضل من سيدنا أويس، هم من كبار الصحابة وسيدنا أويس من كبار التابعين، لكن مع ذلك علمهما رسول الله هذا الدرس، هذا أيضاً لي ولك أيها المريد، لنا نحن في السير إلى الله أن نطلب الدعاء ونحسن الظن بالكبير والصغير وأن لا نرى أن خصوصية خصّنا الله بها حاجبة بيننا وبين أن ننتفع بعباده.
سيدنا عمر في آخر سنة في خلافته قال يجلس الحجيج (كان في الموقف) إلا من كان من اليمن فجلسوا فبقي أهل اليمن، فقال ليجلس أهل اليمن إلا من كان من مراد (قبيلة سيدنا أويس) فجلس الجميع إلا عدد من قبيلة مراد ممن وفدوا على الحج، فقال ليجلس من كان من مراد إلا من كان من قرن (الفخيذة من القبيلة التي منها بالذات سيدنا أويس من هذا البيت) فبقي رجل كبير في السن شيخٌ، فقال له سيدنا عمر: أفيكم أويس؟ قال: يا أمير المؤمنين لا نعلم أويساً نرفعه لك إلا رجلاً به جنــّة (مجنون به حمق) تركناه على إبلنا يرعاها بأربعة دراهم، قال له سيدنا عمر: بك لا به، قم يا علي، وذهب هو وسيدنا علي ليلحقا بسيدنا أويس..
الشاهد في القصة: تعرفون ماهو؟ هنا هذا الموقف، كيف كانت نظرة المجتمع لسيدنا أويس؟، هذا الذي ذكره رسول الله عن بعد والذي قال لسيدنا عمر ولسيدنا علي (اسألاه أن يستغفر لكما يغفر الله لكما) المجتمع المحيط به كانوا يعتبرونه مجنوناً ويستهزئون به، ويرونه لا شيء فيهم..
إذن مسألة إعجاب الناس بهيئتك بمظهرك حتى مكانتك بين الناس ليست هي القصة وليست هي القضية في صلتك بالله، حتماً!! لا يُشترط حتى تصير سائراً إلى الله عز وجل أن تكون محطوط القدر في مجتمعك، تكلمنا عن الحسن ابن علي كيف كان يلبس وتكلمنا عن أويس، هذا تكرار للمعنى وتأكيد للمعنى الذي كنا نذكره في المجلس الماضي من أن الهيئة لا ينبغي أن تكون حَكماً على غيرك ولا حَكماَ عليك، لا ينبغي أن تتقيد للهيئة.
ذهب سيدنا علي وسيدنا عمر فوجداه يصلي تحت شجرة في عرفة والإبل ترعى ،. ألقيا عليه السلام فخفف الصلاة ورد عليهما السلام بعد الصلاة وتكلما معه،. فكان من ضمن الكلام ولا أطيل بذكره جميعاً، أن سيدنا عمر ابن الخطاب عرض عليه أن يعطيه شيء من المال، قال له إلى ان تذهب بعد الحج؟ قال إلى العراق (فرّج الله عن العراق، اللهم فرّج عن العراق وعن فلسطين فرجاً عاجلا وعن سائر بلاد المسلمين يارب العالمين)، قال إلى العراق، قال إذاً إنتظر حتى أذهب إلى بيت المال فآتيك بشيء من المال تستعين به وبشيء من الثياب (المال والثياب، الكلام عن الهيئة)، فقال يا أمير المؤمنين إن معي هذه الدراهم الأربعة التي أعطانيها القوم على رعي ابلهم ولا أدري أأعيش حتى أنفقها أو أموت قبل أن انفقها، يا أمير المؤمنين إن عليّ هذه الخرقة (الملابس) لا أدري أأعيش حتى أخِلقها (يعني تتبهذل) أو أموت قبل أن أخِلقها، يا أمير المؤمنين إن بين أيدينا عقبة (مرتفع مكان صعب الصعود إليه) عقبة كعداء لا يجتازها إلا المخِفـّون، فضرب سيدنا عمر ابن الخطاب الأرض بدرته وقال ليت شعري من يأخذها بما فيها (أي الخلافة) وددت آني لو أخرج منها كفافاً لا لي ولا عليّ، قال له: ألا أكتب إلى أمير العراق والي العراق حتى يعتني بك؟ قال أحب أن أكون في غبراء الناس يا أمير المؤمنين، ثم انقطعت الاخبار عن سيدنا أويس فترة حتى لقيه هرم ابن حيان رحمه الله، قال لقيت أويساً وهو جالسٌ على شط الفرات مدلٍ قدميه فألقيت عليه السلام فرد علي السلام فقلت أويس بن عامر القرني؟ قال نعم، هرم بن حيان؟ قال كيف عرفتني؟ قال ياهرم من عرف الله عرف كل شيء، قال فاستنصحته فنصحني، قلت له أسير معك؟ قال لا، نلتقي إن شاء الله على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ما أراه إلا هرب من أن يُعرف بين الناس، حتى وجـِـدَ قتيلاً في معركة الصفين في صفوف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أويس إبن عامر، هذا الذي بعد أكثر أو ما يقارب 1400 سنة لازلنا نذكره وأحسِب أن قلوبكم تحركت عند ذكره، كان في هيئته لا يُلتفت إليه،
لن تـُصبح مثل أويس إذا بهذلت هيئتك، ولن تصبح مثل الحسن إذا لبست الهيئة الحسنة، لكن ابحث عن قلب أويس وقلب الحسن، واحرص على أن تـَسلك هذا المسك وانظر أين يُقيمك الله، أقامك في هيئة كهيئة الحسن أو أقامك في هيئة كهيئة أويس من حيث الظاهر، لكن احرص على أن يكون لك قلب متصل بقلب الحسن وقلب أويس تسعد وترتقي..

طهارة الظاهر وضبط الطعام

لايزال الحديث عن طهارة الظاهر يستلزم الاستمرار على الطهارة كما ذكرنا في بداية المجلس أن نقلل من الطعام والشراب والنوم والكلام، حتى تقل حاجتي للذهاب إلى بيت الخلاء أقلل من الحدث فأحتاج أن لا آكل إلا قدر حاجتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلب” هذا الأصل، الشيء الذي يقيم الصلب الذي تستطيع أن تستمر به بنشاط بحيوية بحياة سبب من الأسباب ، الأول كان علماء التربية والمشايخ يقولوا هذا الكلام، كان يقال لهم تمنعوا الناس من التمتع بالحلال وهذه نعم الله!! حتى جاء الأطباء وذكروا خطورة السمنة والدهنيات والنشويات وجاءت أمراض السكر والشحوم والكرش، بدأت الناس تبحث من جديد وبدأوا يعملون نظام حمية، هذه حمية من البداية قالها رسول الله وذكرها المربون ما أخذنا بكلامهم “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلب” فإن كان ولا بد فثلث لطعامه، تتمتع!! أتمتع بالحلال لكن ثلث فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.. من باب الدعابة إخواننا من طلبة العلم قال له أحدهم يكفيك ثلث لطعامه قال كل أدرى بثلثه دعوني وثلثي..
تريدون الحقيقة؟ مع اعتراف المتكلم بأنه لم يلتزم بها، قضية الثلث هذه لعموم المسلمين السالك المريد وضعه مختلف هو سلك سائر إلى الله هو من أصحاب اللقيمات هذا الأصل، فعجزت أن تكون من أصحاب اللقيمات، ولو تذكرتم قبل مجالس قلنا يقوم عن طعامه وهو يشتهي لقمة واحدة يتركها لله عزوجل يقوم ولا تزال نفسه متشوفة إلى لقمة يترك هذه اللقمة لله، لا يتركها في الصحن ترمى يتركها من الأصل يغرف دون حاجته فإن النفس إذا عودت أن تفطمها قبل أن تلبي حاجتها بدأت تخضع لك بدأت تنقاد لترويضها، لكن إن أعطيتها إلى منتهى حاجتها تفتحت في النفس الرغبات كلها بعد ذلك صعب عليك أن تأخذ بزمامها، أصبحت فوضى، أعطيتها ما تشتهيه من كل أنواع الطعام بالكميات التي تريدها أصبت بالتخمة جاءك النوم نمت، جاء وقت القيام ما استطعت أن تقوم من الليل، الفجر أيضاً يمكن حصل معك مشكلة تجاهه، الله المستعان الله يتوب علينا وعلى المسلمين، صار عندك مشكلة أيضاً بملء الوقت بما ينفع، حفظ الوقت بما ينفع، صار أكل كثير نوم كثير صار المزاج رائق كما يقول إخواننا المصريين صار يتكلم نصف ساعة!! ساعة!! ساعتين!! مستعد الرجال آكل نائم، ماذا بقي له من السير إلى الله؟! إذا كان وقته بين أكل وشرب ونوم وكلام ثرثرة، كله فضول، كله زيادة، كيف يسير إلى الباري سبحانه وتعالى هذه واحده..
قصة : بالمناسبة الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى كان يأكل وجبة واحدة في اليوم وبالتالي كان يحتاج للدخول لبيت الخلاء مرة واحدة في اليوم، هذه القصة لها علاقة بالسير الذي نتكلم عنه ولها علاقة بمعنى عميق يرتقي إليه أهل الذوق في السير وهو معنى أدق، ما هي البلدة التي كان يسكن فيها سيدنا الإمام مالك؟ المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام رزقنا الله وإياكم زيارتها ومجاورته وجعل محلتنا في البقيع، كان يسكن المدينة كان يأكل وجبة واحدة وبالتالي كان يحتاج ليقضي حاجته مرة واحدة وكان لا يقضي حاجته في المدينة أبداً أدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إني لأستحي أن أضع قذري في مكان ربما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو جلس فيه وكان لا ينتعل في المدينة أبداً ولا يركب على دابة في المدينة أبداً أدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يركب الدابة إلامرة واحدة عندما عذب أخذ وسجن ظلماً فأركب على الدابة بالمقلوب من باب إرادة إهانته في طرقات المدينة حاسر الرأس حافي القدمين يقول يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس الأصبحي أفتي بان طلاق المكره غير نافذ، المسألة التي حولت إلى معنى سياسي وأوذي بسببها رضي الله عنه كان يأكل وجبة واحدة وبالتالي لا يقضي حاجته إلا مرة واحدة فإذا جاء وقت قضاء الحاجة يخرج إلى خارج المدينة خارج المدينة أي خارج حدود المسجد تقريباً الآن المسجد اتسع يكاد يكون استغرق المدينة القديمة جميعها، ويرجع مرة أخرى ولذلك كان الإمام مالك قوي الضبط لنفسه ضبط مسألة الطعام، كان لا ينام إلا على قدر الحاجة وبالتالي ما كانت نفسه تستطيع أن تغلبه..

طهارة الظاهر وضبط النفس

القصة كلها في قضية مغالبة النفس في السير إلى الله عزوجل، وكان وصل إلى حد القدرة على ضبط النفس خرج عن المألوف خرق العادة البشرية، يذكرون أنه كان في مجلسه رحمه الله يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروضة وكان إذا أراد أن يملي في أيام العرب أو أشعار العرب يملي، لكن إن أراد أن يدرس الحديث أو سئل عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويتطيب ويلبس أفضل ما عنده، رجعنا إلى اللباس ربط حسن اللباس بحسن المقصد، اليوم للأسف الكثير من إخواننا إذا أراد يخرج إلى المسجد إلى الجمعة لبس جلابية النوم وخرج، لكن لو كان عنده مناسبة تخرج أو زيارة أصحاب لبس أحسن ما عنده، البس الثوب الأبيض الجميل النقي البس القلنسوة أو العمامة ما تستطيع البس لبس حسن خذوا زينتكم عند كل مسجد، فإذا أراد الإمام مالك أن يحدث لبس أحسن ما عنده وجلس وأخذ يقول: حدثني نافع عن بن عمر عن صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم، يسمونها (سلسلة الذهب،. مالك عن نافع عن بن عمر) ذات يوم كان يحدث فرئي في وجهه تغير اصفر لونه واحمر وبدأ العرق ينصب من سيدنا مالك ولكنه لم يتوقف استمر في الحديث حتى انتهى من مجلس الحديث قال لمن هو قريب منه من الطلاب انظر مابين ظهري وثوبي فنظر فوجد عقرب قد لسع الإمام مالك سبع عشرة لسعة في سبعة عشر موضع فهال الطلاب هذا الأمر فقالوا لماذا لم تخبرنا عند أول لسعة ، قال: استحييت أن أقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للسعة عقرب ، ذبابة حطت على أنفي وأنفك ونحن نصلي ماذا نفعل؟ لو المكيف في المسجد أو الدفاية لم يكن في القدر المطلوب توترنا وما استطعنا، لو الفرش في المسجد كريهة رائحته قليلاً أوه…هذا خارق للعادة ها؟ البعض يقول هذا غير ممكن، نعم أنا أعرف وأفهم تماماً لماذا عقلك لا يتقبل هذا…لأنك لم تسلك، لكن لو سلكت هذا المسلك وخرجت من مرحلة أن تغلبك نفسك إلى مرحلة أن تغلب أنت نفسك ستفهم جيداً كيف يستطيع هؤلاء القوم أن يضبطوا أنفسهم.
* قصة من زماننا: أذكر قصة كنت في الرابعة عشر من عمري، لا تقل هذا مالك كان من رجال القرون الأولى من السلف الصالح أين نحن من هؤلاء، أحدثك من عصرنا كنت في الرابعة أو السادسة عشرة من عمري وخرجت مع شيخي الحبيب عبد القادر السقاف حفظه الله أحد كبار أشياخي الذين أخذت عليهم، خرجنا من مناسبة مجلس للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وركب السيارة وبعد أن أغلقت باب السيارة ركبت معه، فجاء أحد المحبين وفتح باب السيارة وطلب الدعاء وكلم الشيخ وصافحه ثم أغلق باب السيارة، ثم عاد قرع الزجاج السائق أنزل الزجاج فأخذ يكلم الشيخ بضع دقائق مدة، ودعا له وشيء من ذلك، لما انتهى من الكلام انصرف الرجل فلما مشى الرجل خطوات بحيث لا يسمعنا التفت الشيخ وقال: علي، قلت: لبيك قال: كأن الرجل أغلق الباب على إصبع يدي في المرة الأولى قبل أن ينزل الزجاج، نزلت من السيارة وفتحت الباب بسرعة فإذا بالدم يسيل من إصبع يد الشيخ أذكرها كأنها الآن أمامي، قلت: سيدي لماذا لم تخبر الرجل عند أول مرة أغلق فيها الباب صبرت حتى أخذ يكلمك ثم ينصرف؟!!، قال سيشق عليه لو علم أنه أغلق على إصبعي!!

جاهد تشاهد

هل وصل المعنى، إلى هذا الحد الرقي في المعاملة هذا مبحث وسنأتي إن شاء الله إليه ، لكن هنا الشاهد كيف استطاع أن يتحكم هذا الإنسان حتى في اللاشعور، الوضع الطبيعي للإنسان في اللاشعور أن إذا خبط على يدك تقول آه، آه تحرك هذا وضعنا نحن، لكن كيف استطاع هذا الإنسان وهو بشر ليس من أهل القرن الأول من الصحابة ولا من الثاني من التابعين ولا من الثالث من تابعي التابعين ولا من الخامس ولا السادس، في عصرنا أدركناه وجالسناه، كيف استطاع أن يتغلب على نفسه؟ هذا ثمرة السير إلى الله عزوجل، ثمرة السير التي نرجوها أن تخرق عادة نفسك هذه أهم من الكرامات التي يتكلمون عنها فلان طار فلان مشى على الماء، نحن نؤمن أن هذا حق وأن الله يجريها على أيدي الصالحين لكن ليست هذه حقيقة الكرامة هذه صورة الكرامة، حقيقة الكرامة أن تخرق عادة نفسك فتملك زمام نفسك لله سبحانه وتعالى إذا عشت مثل هذا الأمر استطعت أن تكون سالكاً في السير إلى الله عزوجل..

وجه الارتباط

ما دخل هذه القضية؟ أنت كنت تتكلم في بداية المجلس عن ثياب ودوام وضوء دخلتنا إلى ضبط النفس،هي هي ، البداية هذه بداية الأمور البسيطة التي قد تثقل على النفس تكاسلت قوم توضأ، نعسان قوم توضأ، أحدثت أمامك الميضأة الحمد لله ما طلب منك تنزح البير حتى تتوضأ كما كان الناس في السابق ،حرك فقط الصنبور واتوضأ كم يثقل عليك لاحظ عندما تقوم من المقعد الذي تقضي فيه حاجتك إلى الصنبور خطوتين لكن لا تستسهل أن تخرج مباشرة ما السبب؟ استثقال النفس، ابدأ من هنا حارب نفسك جاهد نفسك فيما تستثقل من الأمور التي تراها بسيطة، انظر هذه البداية فتسلك إلى تلك النهاية، ذكرت لك البداية وذكرت النهاية حتى تعرف إلى أين أنت تسير، خالفت نفسك في مسألة الحفاظ على الوضوء الحفاظ على الطهارة على النظافة الحفاظ على قلبك في هيئتك ما استطعت إلا أن يكون هذا ثوبك.
انتهى الأمر!! حافظ على هذا الأمر وتحمل الثقل البسيط فيه ترتقي إلى تحمل الثقل الكبير بعد ذلك بدون تعب فيصبح لذة، الذي نراه نحن خارق للعادة في تحمل الألم بالمناسبة لهؤلاء تلذذ بمرضاة الله سبحانه وتعالى ،اطلب هذه المعاني فإنها والله ولا أحب أن أكثر من القسم لكني الآن أقسم خلقت لك هذه المعاني لم تخلق لساداتنا الملائكة عليهم السلام لأنهم جبلوا على الطاعة ما عندهم أنفس ينازعونها هذه المعاني خلقت لك أنت وهذه المراتب خلقت لك أنت أيضاً وهذه العطاءات أنت المقصود بها، أنت ذات نفخ الله فيها من روحه لديك قلب فيه أنوار لا إله إلا الله، تعرف قيمة هذا المعنى انك تسير على الأرض بهذا الجسد الصغير الذي هو ولا شيء أمام هذه المجرات الكونية، يا صغير يا نقطة في هذا الوجود أقل من نقطة فيك شيء لو وضعت السماوات والأرض في كفة ووضع هذا الشيء في كفة لرجح بهم هو لا إله إلا الله يامن في قلبه أنوار لا إله إلا الله لا تستهين في هذا العطاء ومعنى أن لا تستهين في هذا العطاء أن لا تستصعب مرتقى في السير إلى الله لا تقول لا هذا كثير ، هذا لك وخلق من أجلك وهو في استطاعتك افهم فهماً صحيحاً قوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البعض يفهمها معكوسة، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لا ما أقدر.. كلفك وما دام قد كلفك فهو في وسعك، إذاً مفهوم الآية منطوق الآية لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

ننصرف من هذا المجلس

باستشعار هذه المعاني ونفهم أن هذا مفتاح للتدرج في مجاهدة النفس، والأخذ بزمامها ثمرته الوصول إلى الله عزوجل رزقنا الله وإياكم حسن الأخذ به ..
اللهم يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلوبنا على دينك، اللهم اجعل سريرتنا خيراً من علانيتنا واجعل علانيتنا صالحة، اللهم أكرمنا بكمال الطهارة واجعلنا من خاصة أهلها، اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين واجعلنا من خاصة عبادك الصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي الطاهر الزكي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.
* مشاهدة وتحميل الحلقة الثالثة عشر- فيديو - من هنا
* تحميل الحلقة الثالثة عشر – صوت – من هنا
* المزيد من الدروس عبر الرابط من هنا

Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger