الرئيسية » » باب صلاة أهل الأعذار

باب صلاة أهل الأعذار




باب صلاة أهل الأعذار


وهم المريض والمسافر والخائف ونحوهم تلزم المريض الصلاة المكتوبة قائما ولو كراكع أو معتمدا أو مستندا إلى شيء فإن لم يستطع بأن عجز عن القيام أو شق عليه لضرر أو زيادة مرض فقاعدا متربعا نذبا ويثني رجليه في ركوع وسجود فإن عجز أو شق عليه القعود كما تقدم فعلى جنبه والأيمن أفضل فإن صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة صح وكره مع القدرة على جنبه وإلا تعين ويومئ راكعا وساجدا ما أمكنه ويخفضه أى السجود عن الركوع لحديث علي مرفوعا يصلي المريض قائما إن استطاع فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده اخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبلا القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة رواه الدارقطني فإن عجز عن الإيماء أومأ بعينيه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فإن لم يستطع أومأ بطرفه رواه زكريا الساجي بسنده عن الحسين بن علي بن أبي طالب وينوي الفعل عند إيمائه له والقول كالفعل يستحضره بقلبه إن عجز عنه بلفظه وكذا أسير خائف ولا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتا ولا ينقص أجر المريض إذا صلى ولو بالإيماء عن أجر الصحيح المصلي قائما ولا بأس بالسجود على وسادة ونحوها وإن رفع له شيء عن الأرض فسجد عليه ما أمكنه صح وكره فإن قدر المريض في أثناء الصلاة على قيام أو عجز عنه في أثنائها انتقل إلى الآخر فينتقل إلى القيام من قدر عليه وإلى الجلوس من عجز عن القيام ويركع بلا قراءة من كان قرأ وإلا قرأ وتجزئ الفاتحة من عجز فأتمها في انحطاطه لا من صح فأتمها في ارتفاعه وإن قدر على قيام وقعود دون ركوع وسجود أومأ بركوع قائما لأن الراكع كالقائم في نصف رجليه وأومأ بسجود قاعدا لأن الساجد كالجالس في جمع رجليه ومن قدر على أن يحني رقبته دون ظهره حناها وإذا سجد قرب وجهه من الأرض ما أمكنه ومن قدر أن يقوم منفردا ويجلس في جماعة خير ولمريض الصلاة مستلقيا مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب مسلم ثقة وله الفطر بقوله إن الصوم مما يمكن العلة ولا تصح صلاته قاعدا في السفينة وهو قادر على القيام ويصح الفرض على الراحلة واقفة أو سائرة خشية التأذي بوحل أو مطر ونحوه لقول يعلى بن أمية انتهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بهم يعني إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع رواه أحمد والترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم وكذا إن خاف انقطاعا عن رفقته بنزوله أو على نفسه أو عجز عن ركوب إن نزل وعليه الاستقبال وما يقدر عليه و لا تصح الصلاة على الرحلة للمرض وحده دون عذر مما تقدم ومن بسفينة وعجز عن القيام فيها والخروج منها صلى جالسا مستقبلا ويدور إلى القبلة كلما انحرفت السفينة بخلاف النفل فصل في قصر المسافر الصلاة وسنده قوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة الآية من سافر أي نوى سفرا مباحا أي غير مكروه ولا حرام فيدخل فيه الواجب والمندوب والمباح المطلق ولو نزهة وفرجة يبلغ أربعة برد وهي سته عشر فرسخا برا أو بحرا وهي يومان قاصدان سن له قصر رباعية ركعتين لأنه صلى الله عليه وآله وسلم داوم عليه بخلاف المغرب والصبح فلا يقصران إجماعا قاله ابن المنذر إذا فارق عامر قريته سواء كانت البيوت داخل السور أو خارجه أو فارق خيام قومه أو ما نسبت إليه عرفا كسكان قصور وبساتين ونحوهم لأنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل ولا يعيد من قصر بشرطه ثم رجع قبل استكمال المسافة ويقصر من أسلم أو بلغ أو طهرت بسفر مبيح ولو كان الباقي دون المسافة لا من تاب إذا ولا يقصر من شك في قصر المسافة ولا من لم يقصد جهة معينه كالتائه ولا من سافر ليترخص ويقصر المكره كالأسير وامرأة وعبد تبعا لزوج وسيد وإن أحرم في الحضر ثم سافر أو أحرم في سفر ثم أقام اتم لأنها عبادة اجتمع لها حكم الحضر والسفر فغلب حكم الحضر وكذا لو سافر بعد دخول الوقت أتمها وجوبا لأنها وجبت تامة أو ذكر صلاة حضر في سفر أتمها لأن القضاء معتبر بالأداء وهو أربع أو عكسها بأن ذكر صلاة سفر في حضر أتم لأن القصر من رخص السفر فبطل بزواله أو أئتم مسافر بمقيم أتم قال ابن عباس تلك السنة رواه أحمد ومنه لو أئتم مسافر بمسافر فاستخلف مقيما لعذر فيلزمه الإتمام أو أئتم مسافر بمن يشك فيه أي في إقامته وسفره لزمه أن يتم وإن بان أن الإمام مسافر لعدم نيته لكن إذا علم أو غلب على ظنه أن الإمام مسافر بإمارة كهيئة لباس وأن إمامه نوى القصر فله القصر عملا بالظاهر وإن قال إن أتم أتممت وإن قصر قصرت لم يضر أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها لكونه اقتدى بمقيم أو لم ينو قصرها مثلا ففسدت بحدث أو نحوه وأعادها أتمها لأنها وجبت عليه تامة بتلبسه بها أو لم ينو القصر عند إحرامها لزمه أن يتم لأنه الأصل وإطلاق النية ينصرف إليه أوشك في نيته أي نية القصر أتم لأن الأصل أنه لم ينوه أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإن أقام أربعة أيام فقط قصر لما في المتفق عليه من حديث جابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام وقد أجمع على إقامتها أو كان المسافر ملاحا أي صاحب سفينة معه أهله لاينوي الإقامة ببلد لزمه أن يتم لأن سفره غير منقطع مع أنه غير ظاعن عن وطنه وأهله ومثله مكار وراع ورسول سلطان ونحوهم ويتم المسافر إذا مر بوطنه أو ببلد له بها امرأة أو كان قد تزوج فيه أو نوى الإتمام ولو في أثنائها بعد نية القصر وإن كان له طريقان بعيد وقريب فسلك أبعدهما قصر لأنه مسافر سفرا بعيدا أو ذكر صلاة سفر في سفر آخر قصر لأن وجوبها وفعلها وجدا في السفر كما لو قضاها فيه نفسه قال ابن تميم وغيره وقضاء بعض الصلاة في ذلك كقضاء جميعها اقتصر عليه في المبدع وفيه شيء وإن حبس ظلما أو بمرض أو مطر ونحوه ولم ينو إقامة قصر أبدا لأن ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول رواه الأثرم والأسير إذا علم أنه لا ينفك إلا بعد أيام لا يقصر ما أقام عند العدو أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة لا يدري متى تنقضي قصر أبدا غلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة رواه أحمد وغيره وإسناده ثقات وإن ظن لاتنقضي إلا فوق أربعة أيام أتم وإن نوى مسافر القصر حيث لم يبح لم تنعقد صلاته كما لو نواه مقيم فصل في الجمع يجوز الجمع بين الظهرين أي الظهر والعصر في وقت إحداهما و يجوز الجمع بين العشاءين أي المغرب والعشاء في وقت إحدههما في سفر قصر لما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الضهر والعصر جميعا ثم سار وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وعن أنس بمعناه متفق عليه و يباح الجمع بين ما ذكر لمريض يلحقه بتركه أي ترك الجمع مشقة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع من غير خوف ولا مطر وفي رواية من غير خوف ولا سفر رواهما مسلم من حديث بن عباس ولا عذر بعد ذلك إلا المرض وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة وهي نوع مرض ويجوز أيضا لمرضع لمشقة كثرة نجاسة ونحو مستحاضة وعاجز عن طهارة أو تيمم لكل صلاة أو عن معرفة وقت كأعمى ونحوه ولعذر أو شغل يبيح ترك جمعة وجماعة و يباح الجمع بين العشاءين خاصة لمطر يبل الثياب وتوجد معه مشقة والثلج والبرد والجليد مثله ولو حل وريح شديدة باردة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة رواه البخاري بإسناده وفعله أبو بكر وعمر وعثمان وله الجمع لذلك ولو صلى في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط ونحوه لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر والأفضل لمن له الجمع فعل الأرفق به من جمع تأخير بأن يؤخر الأولى إلى الثانية و جمع تقديم بأن يقدم الثانية فيصليها مع الأولى لحديث معاذ السابق فإذا استويا فالتأخير أفضل والأفضل بعرفة التقديم وبمزدلفة التأخير مطلقا وترك الجمع في سواهما مع الأولى لحديث معاذ السابق فإذا استويا فالتأخير أفضل والأفضل بعرفة التقديم وبمزدلفة التأخير مطلقا وترك الجمع في سواهما أفضل ويشترط للجمع ترتيب مطلقا فإن جمع في وقت الأولى اشترط له ثلاث شروط نية الجمع عند إحرامها أي إحرام الأولى دون الثانية و الشرط الثاني الموالاة بينهما لا يفرق بينهما إلا بمقدار إقامة صلاة ووضوء خفيف لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة ولا يحصل ذلك مع التفريق الطويل بخلاف اليسير فإنه معفو عنه ويبطل الجمع براتبة يصليها بينهما أي بين المجموعتين لأنه فرق بينهما بصلاة فتبطل كما لو قضى فائتة وإن تكلم بكلمة أو كلمتين جاز و الثالث أن يكون العذر المبيح موجودا عند افتتاحهما وسلام الأولى لأن افتتاح الأولى موضع النية وفراغها وافتتاح الثانية موضع الجمع ولا يشترط دوام العذر إلى فراغ الثانية في جمع المطر ونحوه بخلاف غيره وإن انقطع السفر في الأولى بطل الجمع والقصر مطلقا فيتمها وتصح فرضا وفي الثانية يتمها نفلا وتصح الأولى فرضا وإن جمع في وقت الثانية اشترط له شرطان نية الجمع في وقت الأولى لأنه متى أخرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعا وإن لم يضق وقتها عن فعلها لأن تأخيرها إلى ما يضيق عن فعلها حرام وهو ينافي الرخصة و الثاني استمرار العذر المبيح إلى دخول وقت الثانية فإن زال العذر قبله لم يجز الجمع لزوال مقتضيه كالمريض يبرأ والمسافر يقدم والمطر ينقطع ولا بأس بالتطوع بينهما ولو صلى الأولى وحده ثم الثانية إماما أو مأموما أو صلاةما خلف إمامين أو من لم يجمع صح فصل في صلاة الخوف وصلاة الخوف صحت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصفات كلها جائزة قال الأثرم قلت لأبي عبد الله تقول بالأحاديث كلها أو تختار واحدا منها قال أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن وأما حديث سهل فأنا اختاره وشرطها أن يكون العدو مباح القتال سفرا كان أو حضرا مع خوف هجومهم على المسلمين وحديث سهل الذي أشار إليه هو صلاته صلى الله عليه وآله وسلم بذات الرقاع طائفة صفت معه وطائفة وقفت وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم متفق عليه وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا للقبلة وغيرها يومئون طاقتهم وكذا حالة هرب مباح من عدو أو سيل أو نحوه أو خوف فوت عدو يطلبه أو وقت وقوف بعرفة ويستحب أن يحمل معه في صلاته من السلاح مايدفع به عن نفسه ولا يثقله كسيف ونحوه كسكين لقوله تعالى وليأخذوا أسلحتهم ويجوز حمل سلاح نجس في هذه الحالة للحاجة بلا إعادة
الروض المربع_منصور بن يونس بن صلاح البهوتي

Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger