الرئيسية » » الدرس العاشر – الرياء

الدرس العاشر – الرياء


الحمد لله حمداً نتحقق به بصدق الإخلاص في الوجهة، ونكون به ممن امتلأت قلوبهم بأنواره سبحانه وتعالى، حتى لا يبقى فيها متسعاً لشريك تلتفت حال العمل إليه، وصلى الله على سيدنا محمد إمام أهل حقائق الإخلاص وعلى آله وصحبه ومن سلك على نهجه إلى يوم الدين..
لعلكَ أخي لعلكِ أختي من المجلس الماضي إلى الأن قد أعملتما الفكر؟ هل فكرت في كيفية تخليص قلبك من مشكلة الكبر؟ هل تذكرت أصل خِلقتك؟ هل تذكرت مآلك إلى حفرة يهال عليك فيها التراب؟ هل تذكرت فيما بين ذلك أنك لا تملك شيئاً إلا ما أعطاك الله تعالى إياه، ثم هل تنبهنا إلى بعض الأعمال التي يمكن أن تساعدنا على التحقق بالتواضع، كم لقيت من الناس فابتدأتهم بالسلام هل لك صديق كانت بينك وبينه وحشة نزغ الشيطان بينكم فبادرته أنت بإلقاء السلام عليه، هل قصدت إنسانا كنت ترى فيه نوعاً من الإساءة إليك فقبلت أن تكسر نفسك في طلب الصلح، هذه أعمال، عندك شجاعة أكثر؟ عندك قوة أكبر؟
* استمع للحلقة العاشرة وأنت تتصفح :
عندك همة كسائر مريد إلى الله؟، المسجد الذي بجانب بيتك فكر ولو مرة في الاسبوع أن تنظف مرحاضاً من مراحيضه، صعبة؟! هذا سلوك، سير إلى الله عزوجل، والله فيه تطهير لداخلك أنت، ليست القضية المكان الذي ستنظفه لكن فيها تنظيف لك أنت، صعبة قليلاً؟ ابدأ في بيتك خفف عمن يخدم في البيت عندك إذا كان في البيت من يخدم، خفف عن زوجتك قم ونظف معها وساعدها في التنظيف.. صعبة أيضاً؟! لا!!.. المشكلة كبيرة عندك، إذا صعب عليك حتى أن تنظف مجلس في بيتك أو حماما في بيتك أو مطبخا في بيتك تغسل شيئاً من الأواني في البيت، لايضحك عليك الشيطان تقول: لا أنا رجل لا يتناسب مع الرجولة ..انتبه!!..لاتغلط سيد الرجال صلى الله عليه وسلم كان يقم المنزل يعني يكنسه، يرقع الثوب ويغسله، يخصف النعل يحمل القربة على كتفه، يقوم في خدمة أهله .. هذا تهذيب للنفس قال عن نفسه صلوات ربي عليه وعلى آله: “إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد” تعرف ما المناسبة في هذا الحديث نظرت إله امرأة فوجدته يأكل مع بعض العبيد والضعفاء فقالت: ما لهذا يجلس كما يجلس العبد ويأمل كما يأكل العبد تريد نوع من التعيير أو شيء من ذلك، فقال النبي: “صدقتِ إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد” هذه الحقيقة أنا عبد لله عزوجل..
أتت إليه جارية من النساء وهو متوجه في بعض شؤون الأمة مع أصحابه.. من الشؤون المهمة.. فجاءته امرأة كان يشار إليها بأن في عقلها شيء مثلما يقولون الأن عندنا من ذوي الإحتياجات الخاصة أو معوقة أو توحد أو شيء من ذلك، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أريد أن أتحدث إليك يا رسول الله فتوقف، وقال: هلمي تكلمي، فقالت: لا أريدك وحدك، فقال: اختاري ما شئت من طرقات المدينة وآتيكِ إليه، فقالت: ذاك المكان فقام إليها وجلس وتكلم معها حتى قضى حاجتها وعاد إلى أصحابه وانصرف إلى سبيله، هذا نبيك وهذا قدوتك صلوات ربي وسلامه عليه..
تأتي هرة فتنظر إلى الإناء في حجرته الشريفة ويرى فيها أثر العطش فيصغي (يميل) لها الإناء حتى تشرب ويشرب هو صلى الله عليه السلام، تنظر السيدة عائشة فقال: “ياعائشة إنها من الطوافات” تطوف علينا تذهب وتأتي وليست بنجسة، التقزز مما حكم الشارع بنجاسته، نتقزز من نجاسته لا من ذاته، ولا حتى الكلب على ما جاء من حكم نجاسة سوره، قال بعض العلماء: بأنها مغلظة مع ذلك لا يجوز احتقار الكلب، تنظر إلى الكلب باحتقار؟ تحتقر الصنعة أم الصانع؟

الكبر وارتباطه بالرياء

هذا حال السائر إلى الله عزوجل، لا زالت المسألة عندك صعبة؟ جاهد نفسك هنا مقام المجاهدة، هنا ميدان تطهير القلب ابدأ بهذه الأعمال الأسهل منها فالأسهل ثم تدرج إلى الأصعب فالأصعب وستجد أن قلبك يغسل، ستجد أنك خرجت من نقطة ضعف فيك إلى قوة بالله سبحانه وتعالى، المريد الذي يرضى بأن يستسلم لضعف نفسه في مسألة كبره على الآخرين هذا لا يمكن أن يكون مريداً لا بد أن يجاهد نفسه.
اسمع وفي مجاهدتك لنفسك في إخراج ظلمة الكبر منها تطهير لقلبك من نقطة ضعف أخرى: المتكبر يرى لنفسه الفضل على الناس فهو يعيش مقارنة بينه وبين الناس!! أنا والناس، أنا خير من فلان، أصبح مشغولاً بماذا؟ بغيره من الناس انشغاله بغيره من الناس وإن كان في صورة كبر أو ترفع أو تعالي على الناس في حقيقته هو ضعف وخضوع للناس، تعرف لماذا؟ لأنه أصبح مرتهناً بهم، إن هم أجلوه وعظموه وأشعروه بالمكانة التي يطلبها أقبل وسعد، إنه لما دخل المكان الناس قاموا له، أنه لما طلب أجيب لطلبه، أنه لما تكلم في موضوع أصغت له الآذان، واستمعت له الناس، أصبح محتاجاً إلى الناس إذا دخل إلى مكان لم يحترم الإحترام الذي يتوقعه ..غضب وتأثر وأخذه ما يأخذ الناس من الغضب والتأثر والصياح ..هؤلاء ما احترموني .. أنا لن اسمح لاحد أن يهينني أبداً .. على رِسلك .. أنت الآن سمحت لغيرك أن يهينك، تعرف لماذا سمحت؟ لأنك جعلت قيمتك وكرامتك مرتبطة بتصرفات الناس، أنت أهنت نفسك لو كنت جعلت عزتك وكرامتك بحالك وصدقك مع الله لا مع معاملة الناس لك لصنت نفسك، لكنك رضيت بتكبرك وتعاليك وترفعك ومطالبتك بالمكانة بين الناس رضيت أن تجعل نفسك بيد الناس، أكرموك وعظموك سعدت .. لم يلتفتوا إليك لم يقدروك غضبت .. فصارت حالتك حالة يرثى لها مهما كان هذا الإنسان غني، ملك، حاكم، أمير، رئيس، وزير، عالم، تاجر، مصلح، أكاديمي، فلاح، أستاذ أياً كان، الذي يرضى لنفسه أن يجعل قيمته سعادته رضاه أنسه فرحه مرتبط بما سيبذله الناس له هو قد أهان نفسه في هذه الحالة، لكن اسمع يترتب على هذا مشكلة ثانية، كان كلامنا في الحلقة الماضية عن تنقية القلب بعد أن تغلق مداخل الشيطان على القلب كيف ينقى هذا القلب، كان الكلام عن تنقية القلب من الكبر.

الرياء

الرياء والسمعة : الرياء من الرؤية، والسمعة من السماع، من أين جاء الإشتقاق في الرياء والسمعة؟ أي انشغال الإنسان برؤية الناس له وسماع الناس لما يقولون، انشغاله بنظرة الناس إليه وكلامهم عنه فتتسمع وتتراءى للناس في أحوالك، أنت أصبحت في هذه الحالة ترجع إلى نقطة الضعف التي كنا نتكلم عنها الآن قبل قليل، كنا نقول أن المتكبر أضعف نفسه للناس، ومهد نفسه لنقطة الضعف الثانية لمرض القلب الثاني لمعصية القلب الخطيرة، التي سميت بالشرك الأصفر، هي لا تخرج عن الملة، مسلم… لكن لماذا سمي بالشرك الأصغر؟ لأن المرائي هو الذي يصرف العبادة عن وجهة الله إلى وجهة الناس ويجعل مقصوده من العبادة ثناء الناس عليه واحترامهم له وإقبالهم عليه، واعتبارهم له أنه شيء فهو جعل مع الله شريكاً في إرادة العبادة هو عبد الله لكن أراد من عبادته أن يرضى الله عنه وأراد أيضاً أن يرضى الناس عنه، فأشرك طلب رضوان الله بطلب رضوان الخلق لهذا سمي بالشرك الخفي، الأصغر لأنه لايخرج عن الملة، والخفي لأنه على مراتب سيأتي الكلام عنها، الرياء مرتبط بمشكلة التفاتك إلى الناس، ما دمت تريد الناس يحترمونك يقبلون عليك يعظمونك يجلونك، مشغول برأي الناس فيك إذاً ستدفع ثمناً غالياً .. أثماناً غالية.. أحدها أن أرقى ماتملك في هذا الوجود وأعظم ما تقدم وهي عبادتك لله ستضطر إلى صرف شيء منها للناس، لماذا؟ لأنك مشغول بالناس فتراه إذا أراد أن يتصدق يريد الناس أن يقولوا عنه محسن كريم، إذا جلس يتكلم يتوقع الناس يثنون على كلامه ومستوى وعظه وتدريسه، إذا قام يصلي أو يتنسك أو صام يتوقع أن يثني الله على خشوعه وحضوره على مستوى ذكره لله، إذا تلى شيئاً من كلام الله ينتظر ثناء الناس على مستوى تلاوته، هذا في العبادات التي يتقرب بها إلى الله، تتفقون معي أن هذا الثمن غالي؟ لا ينبغي أن يدفع، إذا كان لاينبغي أن يدفع إذا دعونا نتخلص من مرض حب المنزلة في قلوب البشر.
أحب الناس وأحب للناس الخير وأحب محبة الناس لك في الله لكن لاتطلب المكانة لدى الخلق، فرق ما بينهما كبير وإن كان دقيقا، نعم أحب الناس من أجل الله وأحب أن يحبني إخواني في الله، لكن لاينبغي أن أقبل أن أعيش ملتفتا إلى منزلتي في قلوبهم، أترقب سقطت من أعينهم أو ارتفعت في أعينهم أكثر، صارت لي مكانة عندهم أو لم تعد لي مكانة عندهم، حب المنزلة في قلوب الناس هو الذي يورث الرياء، يورث أن يصرف إلى غير الله والعياذ بالله من ذلك، والتفات القلب محبة للمنزلة بين الخلق يورث اهتزازاً المنزلة لدى الخالق ..
التفات قلبك عندما تعبد الله إلى خلق الله طلبا للمنزلة عندهم يضعف منزلتك عنده، تريد المنزلة عندهم أم عنده؟ .. أنت مريد لله .. تريد الآخرة … خذ بشارة تهون عليك الخيارين، اصدق في طلب المنزلة عنده يجعل لك منزلة عند الخلق، هذه تختلف مع قضية أنا سأخلص مع الله، والله يجعل الناس يحبونني، سنة الله جرت أنك عندما تصدق مع الله في المعاملة ولا تطلب غير الله سبحانه وتعالى فالأمر إليه إن شاء جمع قلوب الناس عليك، وإن شاء فرق قلوب الناس عنك.. من الصالحين من أحبهم الناس واجتمعوا عليهم ومجدوهم وعرفوا فضلهم، ومن الصالحين من أساء الناس إليهم وتكلموا عليهم وضربوهم، سيدنا محمد رُمي بالحجارة ومن الأ نبياء من قتل، في هذا المسجد، جامع بني أمية يوجد رأس سيدنا يحيى بن زكريا عليه السلام من أيام الصحابة رضي الله تعالى عنهم، سيدنا يحيى قطع رأسه من أجل بغية (راقصة) من بغايا بني إسرائيل، سبحان الله..
ليست هي المقصد ولا المطلب، لكن اصدق مع الله والحق يجمع لك خيري الدنيا والآخرة إن شاء، وما قيمة أن يثني عليك جميع الخلائق وينظروا إليك بعين الإجلال ويعظموك ويبجلوك ويتكلمون عنك: فلان جاء.. فلان راح، وأنت لست بشيءعند الله!! يا الله.. أتعس حالة يمكن أن يعيشها إنسان ويظن في نفسه أنه يعامل الله، أن يبيت وهو فرح مرتاح بسبب ثناء الناس عليه وإقبالهم عليه، هو لايدري سيغمض عينيه والله راض عنه أو غير راض عنه!!؟ إذاً منبت ومنشأ الرياء الالتفات إلى المنزلة في قلوب الخلق.

تأمل في عاقبة الرياء

الخلق ماذا يمكن أن يعطوك أو يقدموا لك، يستطيع أحدهم أن يمنحك شيئاً؟ ..يملكون لك نفعاً أو ضراً؟ لو سجد لك جميع الناس -مع أن هذاممنوع- هل يزيدونك شيئاً؟ يرفعونك منزلة؟ في الوهم: نعم!! يشعر أن له مكانة بين الناس؟! وهم، لكن في الحقيقة هل يزيدونك شيئاً؟ لا والله، لا ينفعونك ولايضرونك، وأنت إذا وقفت بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ستقف وحدك ليس معك أحد من الناس، وعند عرض الصلوات التي صليتها والأيام التي صمتها والتلاوة التي تلوتها والصدقة التي أنفقتها والخير الذي عملته، ساعة عرضه على الله عز وجل سيظهر المحك عند الذي لا تخفى عليه خافية عالم السر وأخفى، إذا سألك: عبدي ماذا عملت؟ تجرؤ تكذب عليه وتقول له: صليت لك وهو يعلم أنك كنت أثناء الصلاة مشغول بنظر فلان وفلان غليك؟ أنك أثناء الحج والعمرة كنت تفكر بمنفعة من فلان أو صلة بفلان؟ أنك عندما عملت شيئاً من أعمال الخير انشغلت بفلان أوفلان؟
هناك حديث يخيفني كما أخاف الكثير ممن كان قبلنا، في المستدرك: ” أول الناس يقضى فيه يوم القيامة: رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيه؟ قاتلت فيك حتى قتلت. قال: كذبت، ولكن قاتلت ليقال هو جريء، فقد قيل. قال: ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه عليه فعرفها،فقال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت فيك العلم، وعلمته، وقرأت فيك القرآن، فيقول: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال هو عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أنواع المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: ما علمت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار
 ” ..
الله عز وجل أول ما يوقف بين يديه لينصرف إلى النار عالم!! اسمع هذا الكلام .. أول من يدخل النار عالم.. قبل إبليس وفرعون وهامان، عالم مسلم يوقفه الله تعالى بين يديه ويسأله ماذا عملت ياعبدي؟ ..فيقول يارب تعلمت من أجلك وعلمت من أجلك، فيقول الله تعالى: له كذبت تعلمت ليقال عالم وعلمت ليقال معلم، فقد قيل اذهبوا به إلى النار فيلقى في النار على وجهه، ثم يوقف بين يديه سبحانه متصدق محسن فيقول الله له: ماذا عملت؟ فيقول يارب أنفقت في سبيلك وعملت الخير من أجلك فيقول الله تعالى له كذبت، إنما تصدقت ليقال محسن كريم متصدق، فقد قيل اذهبوا به إلى النار.. خلاص الشيء الذي عملته أخذت مقابله ممن طلبت منهم ذلك ممن نويت وأردتهم فيلقى في النار على وجهه ثم يوقف بين يديه سبحانه رجل قاتل بين الصفين وهو مسلم وقتل في الجهاد فيقول له الله تعالى ماذا عملت؟ فيقول يارب قاتلت من أجلك واستشهدت في سبيلك فيقول الله كذبت إنما قاتلت ليقال شجاع وقتلت ليقال شهيد، فقد قيل اذهبوا به إلى النار فيلقى في النار على وجهه… هذا الحديث أقض مضاجع الصالحين لأن فيه نوع من مواجهة الإنسان بحقيقة الأمر، الله كريم والحق عز وجل لا يضيع إيمان المؤمنين ولا يضيع أعمال العاملين لكن الحق سبحانه رب، إله، لايقبل أن يكذب عليه، لايقبل أن يعامله العبد بالخديعة، تقول إياك نعبد إياك نستعين وقلبك مشغول بزيد وعمرو..
لهذا جاء مرض الرياء من أشد وأخطر الأمراض التي تصيب القلوب، ينبغي للمؤمن أن يحرص على معرفة هذا المرض، على معرفة كيف يفتش على قلبه.. تعال يا مريد فتش على قلبك، كم مرة من المرات وأنت تذكر الله خطر في بالك لو دخل علي فلان ورآني!! كم مرة من المرات كنت تصلي في جوف الليل ففتحت أختك أو أبوك أو أمك أو زوجتك، دخلت وأنت تصلي فشعرت بأريحية أنهم ينظرون إليك وأنت تصلي!! كم مرة من المرات وأنت تتصدق انتظرت أن تـُشكر، انتظرت أن يقال فلان عمل كذا وكذا، التفت إلى الناس أثناء العمل، كم مرة وأنت تعد لعمل صالح خطر في بالك عندما ينظر الناس إليك سيثنون عليك!! حصل أولم يحصل؟ اصدق مع الله، قل فيما بينك وبين نفسك: نعم حصل ويارب أنا أطلب منك أن تتوب علي، أنا كرهت هذا الخاطر، لأن العلماء قالوا: أول علاج للرياء: كراهة الرياء في قلبك، أن تنظر إلى هذا الأمر نظرة كراهة عندما يخطر في قلبك خاطر الرياء تكره هذا الخاطر، تقول يا نفس السوء دعيكِ من هذه الخسة، ارتقي يانفس أنت تعاملين الله، مالك ولنظر الناس؟

أنواع الرياء

1. ظاهر جلي

أن يعمل الإنسان العمل وينتظر ثناء الناس هذا شيء ظاهر ماتضحك عليك نفسك فيه، أنت تعلمه من نفسك لكن إذا فتشت عليه..

2. متوسط

مثاله تقوم تصلي في الليل تقول أنا أصلي لله ركعتين، يخطر في بالك الآن أنه لوفتحت الباب فلانة، تقولين لو فتح الباب الآن فلان ورآني، يحصل سرور هنا، القلب يلتفت إلى الآخر هنا، لا لم يحصل هذا!! الحمد لله، عندك من التنبه ماهو أكثر ..

3. دقيق خفي

مثاله: قمت تصلي ركعتين وما انتظرت من أحد يراك وأنت تصلي لكن فتح الباب أحد ودخل ورآك وأنت تصلي، تـُسر؟ تفرح؟ هذا نوع من صرف العمل أدق وأعمق فيما يحصل بين الإنسان وربه سبحانه وتعالى، ثم لا منتهى لدقة الرياء إلى أن تستأصل شجرة حب المنزلة في قلوب الناس من قلبك، يبقى الأمر يدق ويدق وكلما سرت إلى الله تعالج شيء..
* مسألة أخرى كلما ارتقيت في الصلة بالله تنور قلبك بالذكر وبالإقبال على الله كلما اكشفت شيء لم تكن تعلمه من نفسك.. أحدهم جاء وهومتأثر يبكي قلت: ما يبكيك؟ قال: كنت أظن أني قد طهرت قلبي وصدقت مع الله اكتشفت أني مليء بالأوساخ!! قلت له: الآن ارتقيت.. بالأمس هذه الأوساخ كانت موجودة لكن كانت غائبة عنك لأنك لم ترتقِ في بصيرتك الى معرفتها لكنك الآن عندما ارتقيت في بصيرتك أدركت من الأمور مالم تكن تدرك، تماماً عندما يكون عند الإنسان ضعف في النظر لايرى بعض الأشياءالتي على ثوبه من وسخ لكن إن ركب نظارة تقوي له النظر فسيرى الوسخ الصغير الذي في ثوبه، ثم إن جاء بعدسة كبيرة سيرى أوساخ أدق لم يكن يعلمها، هي لم تأتي الآن لم يتوسخ الآن، هو الآن أدرك هذا الوسخ الموجود في داخله.. الوسخ موجود لكنه لما ارتقى، صارت البصيرة أكبر صار ينظر أكثر ويكتشف أكثر، فإذا جئت بالمجهر ستصدم بكمية الجراثيم والأوساخ التي على ثوبك.. القلب هكذا!! إذا ارتقيت في التنور والمعرفة بالله ارتقيت بقلبك بالتطهير في طلب تنقيته في طلب ترقيته ولهذا مع استمرار الإنسان في السير إلى الله سيكتشف معاني من الرياء أكثر لم يكن يلتفت إليها من قبل، ماذا عليك؟

علاج الرياء

بطلب امتلاء قلبك بعظمة الله، كانوا يذكرون الكثير من العلاجات منها كراهية خاطر الرياء واتهام النفس بالرياء وهذا اجعله يمشي معك في جميع أمراض القلب في جميع العيوب، لا تنفر من أن تتهم نفسك بالعيب لأنك اذا نفرت من أن تتهم نفسك بالعيب ضحكت عليك نفسك ولم تكتشف العيب…
كان مالك بن دينار رحمه الله يسير في بعض شوارع البصرة فناداه أحدهم من بعيد: يا مرائي!! يامرائي!! يقول لمن؟ لمالك بن دينار!! الإمام الكبير والعارف بالله من كبار أئمة السلف من رجال الرسالة القشيرية، يقول له: يامرائي!! تخيل أنك خرج من الجامع الأموي، صليت العشاء جماعة وصليت السنة وحضرت درس علم وأنت خارج شخص قال لك : أنت كذاب ومرائي غير صادق في الحضور تريد تظهر في التلفاز، كيف ستكون إجابتك عليه؟ أعوذ بالله من سوء الظن ياأخي، هذا لو كنت محترم أو جزاك الله خيراً، شكراًعلى النصيحة الله يصلح قلوبنا، وفي قلبك أنت مغتاظ من الرجل الذي قال لك هذه الكلمة، هذأ في أحسن الاحوال، هذا إذا لم تضاربه وتقول له انظر لنفسك ..
لكن اسمع مالك بن دينار شوف نفسك مالك بن دينار وهو يمشي في الطريق قال له: يامرائي فالتفت الإمام إلى الرجل وهومتبسم وقال له: من الذي دلك على اسمي الذي أخطأه أهل البصرة؟ كيف عرفت؟ أنا المرائي. ..لماذا لم يلعب به هذا الإنسان؟ ..لماذا لم يستفزه هذا الإنسان السفيه الذي قال لمالك بن دينار يامرائي، هذا السفيه الذي قال للامام يا مرائي، لكنه لماذا لم ينجح بأن يخرج مالك ابن دينار عن حاله مع الله؟ لأن مالك بن دينار في الأصل هو متهم لنفسه، هو معترف فيما بينه وبين الله، هو مطلع على أمور أرقى بكثير، لهذا كانوا يقولون حسنات الأبرار سيئات المقربين، أحد المقربين يرى شيئاً يعتبره سيئة لو كان عند أحد من الأبرار لكان من الحسنات ..من الأشياء الطيبة أن تتهم نفسك ..

ننصرف من هذا المجلس

اتهم نفسك .. إذا اتهمت نفسك وكرهت الفعل من نفسك والتجأت إلى الله أعطاك، لكن تريد الخلاصة تجمع لك جميع الأعمال التي يمكن أن تعملها للتخلص من الرياء، اشتغل بملىء قلبك بعظمة الله لأن الرياء يدل على خلو قلب صاحبه من عظمة الله. لو امتلأ القلب بتعظيم الله لما احتجت أن ينظر غير الله إلى عملك أما كفاك نظره إليك؟ أما كفاك علمه بما تصنع؟ هذا ينزع من القلب حب الدنيا وحب المنزلة بين الناس ويورث القلب الامتلاء بعظمة الله سبحانه وتعالى.
كلمة إذا أكثرت منها أعانتك على الإخلاص وهي كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله)، اجعل لك ورداًمنها وأنت تقول: (لا) استحضر معنى إخراج من سواه من قلبك (لا إله)، وأنت تقول (إلا الله) استشعر معنى إثبات نور الله في قلبك، فضل الله، عطاء الله ..رضاء الله في قلبك، .فلا يبقى في قلبك إلا الله، هذا تطهير لباطن القلب من معنى الالتفات إلى الخلق..
أسأل الله عز وجل ان يرزقني واياكم حقائق الاخلاص، تعالوا بنا نتوجه إلى الله الذي ما خيب من توجه إليه ولا رد من وقف على بابه، تعالوا بنا نقر ونعترف، تعالوا بنا نفتقر إليه وننكسر ..
الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم انا نسألك الرضا والقرب منك، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، اللهم إن هذه قلوبنا بين يديك والحال لا يخفى عليك نشكوا إليك أمراضا ألمت بها قلوبنا نخشى ألا يحسن بها مآلنا ومصيرنا ولا ننال بها الرضا ، اللهم من كان من العباد من يسألك شيئاً من شؤون الدنيا فهذه بادرة توفيق من حضرتك ألهمت هذا اللسان العاصي أن يسألك رضوانك الأكبر، اللهم فارزقنا رضوانك الأكبر، اللهم تب علينا توبة نصوحا طهرنا بها جسما وقلبا وروحا، برحمتك يا أرحم الراحمين وصل اللهم على سيدنا ومولانا محمد صلاة وسلاما تليق بجودك وكرمك وعلى آله بيته وأصحابه وتابعيهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* مشاهدة وتحميل الحلقة العاشرة- فيديو - من هنا
* تحميل الحلقة العاشرة – صوت – من هنا
* المزيد من الدروس عبر الرابط من هنا

Share this article :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyleft © 2011. موقع أهل السنة والجماعة - All lefts Reserved
تعريب وتطوير : موقع أهل السنة والجماعة
Proudly powered by Blogger